For moms and dads For moms and dads

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

حرّية أن تكون إنساناً في عصر الخوارزميات

 

حرّية أن تكون إنساناً في عصر الخوارزميات 

كيف نسترد كياننا الإنساني في عالم يشكله الذكاء الاصطناعي بإطراد

 

فكّر في آخر مرة تصفحّت فيها منصة نتفليكس، هل بحثت عبر الخيارات اللامحدودة أم اخترت عنواناً مُقترحاً؟ ولدى دخولك إلى أحد مواقع التواصل الاجتماعي، هل تقرّر ما سيظهر لك، أم تفرض الخوارزمية ذلك؟ وحين تتسوّق الكترونياً، هل تستعرض باستقلالية ما تريد أو تولي اهتماماً للبنود التي يقترحها الذكاء الاصطناعي؟

إذا كنت مِثلي، فستوافق غالباَ على توصيات الخوارزمية، وهذا سلوك شائع لدرجة أنّ علماء النفس أطلقوا عليه مصطلح (الإدمان الخوارزمي) وكما يوحي الاسم فإنه يشير إلى ميلنا المتزايد إلى الاستعانة بمصادر خارجية لاتخاذ القرارات من خلال أنظمة مُصمّمة للتنبؤ بسلوكنا وتوجيهه.

وفي وقتنا هذا لا يوجد خطأ بالمطلق في قبول اقتراحات الخوارزميات، فهي في كثير من الحالات توفر الوقت وتخفف متاعب اتخاذ القرار. ولكن وكما ينحت الماء الصخر بتؤدة، فإن الاعتماد المتكرر على توصيات الذكاء الاصطناعي قد يضعف مقدرتنا على الحكم المستقل وحتى على إحساسنا بالذات. وبمرور الوقت سيتعدّى تأثير هذا الاعتماد على صواب خياراتنا إلى تقويض قدرتنا على الوثوق بحدسنا. 

وعندما تصوغ الخوارزميات بمهارة أفعالنا خارج نطاق إدراكنا، فإننا نخاطر بالانفصال عن ذواتنا الحقيقية. 

استعادة كياننا 

لنحدد بدايةً ماهية الكيان الإنساني: هو المقدرة على تحديد اختيارات إرادية واعية والقيام بأفعال هادفة بما يُعبّر عن الاستقلالية والوعي الذاتي وقدرة التصرف في إطار قيمنا. 

يتطلب تأهيل الكيان الإنساني أن نرسم ملامح ذواتنا بفعالية من خلال الخيارات المدروسة، بدلاً من استسلامنا لريشة الخوارزميات والأعراف الاجتماعية والضغوط الخارجية.

فيما يلي ثلاث ممارسات تساعد في صون الكيان الشخصي في عصر الخوارزمية:

 

التّأني 

المساحة القيّمة بين اللحظات. والتي تُسمّى (ما) وفقاً لتقاليد الزن البوذية.

وتعني أن تتمهّل قبل قبول الخيار المُقترح، وتسأل نفسك "هل كنت سأختار هذا الخيار بمفردي؟"

يؤيد هذا التأمل البسيط قراراتك بالوعي ويعزز مصارحتك مع نفسك.

 

تنمية الوعي الرقمي 

ينطوي الوعي الرقمي والمستوحى من الممارسات البوذية (ساتي) على اتخاذ بعض القرارات بالاعتماد على الذات دون مساعدة تقنية.

حاول انتقاء كتاب أو ارتياد مطعم أو حتى اختيار ملابس  دون الاعتماد على التصنيفات والتقييمات.


تطوير قيم داخلية راسخة 

يشجع مبدأ (الجين) الكونفوشي (سعة الصدر) على اتخاذ القرارات النابعة من العاطفة والأخلاق.

عندما نأخذ بالاعتبار قيمنا الراسخة، تغدو خياراتنا أكثر جدوى، وأقل عرضة للتأثير الخارجي.

  

الاكتشاف بالمصادفة والثقة ورحلة الإنسان 

ليس الهدف رفض استخدام الذكاء الاصطناعي وإنما فعل ذلك بدراية، وهذا يعني ما يلي: 

- تحديد متى يُفضل استخدام التكنولوجيا ومتى يفضل التصرف باستقلالية.

- الحفاظ على الوعي بتأثير الخوارزميات على تفكيرنا. 

- ممارسة الحكم المستقل بانتظام. 

- تشجيع الآخرين كذلك على التفكير في اختياراتهم.

لا تقتصر الاستقلالية على مقاومة الأتمتة فحسب، بل تشمل الانفتاح على أسرار الحياة. ومن الجدير ذكر قصة أمراء (سيرنديب) القديمة. الرحالة الشبان، الذين سافروا لنيل المجد بعد أن تخفّوا وخلعوا العباءة المَلَكيّة. ومن خلال المشقة طوال الرحلة والاستكشاف، توصلوا لما لم يكن غاية سعيهم، فقد أدركوا الجمال والحكمة. ولقد اكتسبنا من حكايتهم (موهبة الاكتشاف بالمصادفة)

لا يرتبط مفهوم اكتشاف بالمصادفة بالقصص القديمة فحسب، فعندما غادرت منزلي متوجهاً إلى الولايات المتحدة وأنا في السابعة عشرة من عمري. لم أكن أتكلم اللغة الإنكليزية بطلاقة ولا أعرف أحداً هناك. وحدث أن تعرفت إلى امرأة أمريكية في الطائرة وعرفتني بدورها إلى عائلتها الذين قدموا لي الدعم والمأوى.

لا يمكن لأي خوارزمية أن توصي بأي فعل من أفعالنا، بأن تملي عليّ مغادرة المنزل في السابعة عشرة من العمر، أو أن تدفع الإمرأة الأمريكية التي قابلتها لأن تفتح منزل عائلتها لتستقبل شاباً غريباً. لقد كان لذلك أثراً من رحمة وإنسانية، ولحظة مفصلية في حياتي. فقد 

منحني ذلك موطأ قدمٍ على أرضٍ أجهلها وحصل دون سابق توقع أو تخطيط.

ترجمة : محمد عجمية

تدقيق ومراجعة: أ.ظلال مصطفى صباغ

المصدر من هنا

Author

Zelal Sabbagh

Comments


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

All Copyrights Reserved

For moms and dads

2025