For moms and dads For moms and dads

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة وعبرة 1

 

 


  العِقد


كانت فتاةً ساحرة الجمال منذ نعومة أظفارها، إلا أن القدر لم يسعفها فقد كانت من عائلة تعمل في الدوائر الحكومية. لهذا لم تطمح لأن يكون لها صَداق ولم يكن لديها تطلعات بل ولم يكن عندها أية وسيلة لأن تصبح معروفة بين أفراد المجتمع وأن يفهم أفكارها أحد وحتى أن تغرم وتتزوج برجل ذا جاه وثراء، مما دفعها لأن تقبل بالزواج من رجل يعمل بمنصٍب حكومٍي بسيط في وزارة التعليم. 

كانت ملابسها متواضعة لأنه لم تتح لها الظروف شراء ثيابٍ جيدة. كانت تشعر بالتعاسة كما لو أنها كانت في يوم ما تتنعم بالترف والثراء. فالنساء اللاتي لا ينتمين إلى الطبقة الاجتماعية الراقية لا يمكن أن يسعفهن إلا جمالهن الجذاب وتألقهن، ولا يحدد مكانة المرأة الاجتماعية إلا رهافة حسها وجاذبيتها وكذلك حيويتها، حتى أنّ تلك الصفات تجعل الفتيات من عامة الناس متساويات بالمكانة الاجتماعية مع أرقى سيدات المجتمع. 

لطالما أنّها عانت من الحرمان فقد كانت تشعر أنّه يليق بها أن تتنعم بأطايب الطعام وبكل مظاهر رفاهية العيش.

فهي لم تُطق النظر إلى أثاث منزلها الرث من جدران درنة وأرائك مهترئة وستائر رديئة. على الرغم من أنّ هذه الأشياء قد لا تلاحظها أي امرأة أخرى من نفس طبقتها الاجتماعية. لقد أوجعتها تلك الأشياء وجعلتها ساخطة.

إنّها مجرد ربة منزل في مقتبل العمر من مدينة برينتون، إلا أنّ نباهتها جعلتها تشعر بحسرة تملؤ فؤادها ودفعتها لأن تحلم بأحلام يقظة من المستحيل أن تتحقق.

  لطالما أنها حلمت برَدهة منزل هادئة تزينها منسوجات مزدانة برسوم شرقية معلقة على الجدران، ومضاءة من الأعلى بمصابيح ذات حاملات برونزية بينما يرقد نادلان طويلا القامة مرتديان بنطالان يصلان إلى الركبة على أرائك فارهة قد غلبهما النعاس من شدة الحرارة الصادرة من المدفأة.  

وكم تاقت نفسها إلى غرف معيشة فسيحة مفروشة بالحرير التراثي النادر ومفروشات فاخرة زاخرة بزخارف نفيسة، وغرف استضافة أصغر حجماً معطرة ومعدة لمحادثات بعد الظهيرة مع أصدقاء مقربين ذوي مكانة مرموقة ترغبهن كل امرأة وتسعى لجذب انتباههم لها. 

وفي يوم ما بينما هي جالسة لتناول وجبة العشاء وزوجها جالس مواجهاً لها على طاولة مستديرة عليها مفرش تم وضعه منذ ثلاثة أيام، رفع زوجها الحساء قائلاً بحماس:" آه، إنه حساء بلحم العجل، يا له من حساء لذيذ. إلا أنها كانت تتطلع إلى وجبات عشاء فاخرة مجهزة بأوانٍ فضية براقة وجدران تملؤها المنسوجات المزركشة بصور لشخصيات من العصور القديمة وطيور غير مألوفة في غابات الجنيات، وكانت ترغب بأطباق مقدمة على صحون فاخرة وهي تصغي لهمسات النبلاء وتبتسم ابتسامةً مبهمة بينما يتناول أحدهم قطعة من لحم سمك السلمون وردية اللون أو أجنحة طائر السُمان. 

لكنّها لم تكن تستمتع بارتداء أجمل الفساتين وأفخر المجوهرات بل ولم يكن بحوزتها أي شيء من تلك الرفاهيات التي لم تكن تتمنى شيئاً سواها في الحياة.

كانت تشعر كما لو أنّها خُلقت من أجل أن تستمتع برفاهية العيش، فقد رغبت بالكثير من الأشياء التي تجعل منها امرأة فاتنة مغبوطة يتمناها كل رجل ويسعى إلى الزواج منها. 

كان لديها صديقة منذ أيام الدراسة في الدير، وكانت ثرية لهذا لم تعد تطيق أن تزورها لأنها كانت تتألم كلما عادت إلى المنزل. فكم ضاقت نفسها ذرعاً كل تلك السنوات التي مضت وشعرت خلالها بالتعاسة والحسرة.

في إحدى الأمسيات جاءها زوجها حاملاً بيده مغلفاً كبيراً وقد انفرجت أساريره وقال لها: انظري، هذا المغلف لك.

فتحت المغلف وأخرجت البطاقة من داخله وقرأت:

السيد وزير التعليم والسيدة جورجيس رامبونو يتشرفان بدعوة السيد والسيدة لويسال لحضور حفل سيقام في مقر الوزارة وذلك مساء يوم الاثنين المصادف 18 كانون الثاني. 

 وبدل أن تُسر بهذه الدعوة كما زوجها، ما كان منها إلا أن رمت بطاقة الدعوة على الطاولة بامتعاض وتمتمت:

ماذا تريد مني أن أفعل بهذه الدعوة؟

فأجابها: لكن يا عزيزتي اعتقدت أنك ستكونين مسرورة بهذه الدعوة، فأنت لا تخرجين لزيارة أحد وهذه مناسبة رائعة يمكن حضورها. لقد بذلت قصارى جهدي للحصول عليها، فقد كان جميع زملائي يرغبون في الحضور لهذه المناسبة، رغم أنها دعوة خاصة ولم يخصص الكثير من بطاقات الدعوة للموظفين، ستقابلين هناك كل طاقم الوزارة. 

فحدقت به بسُخط وقالت في صبر نافد: وماذا تتوقعني أن أرتدي إذاً ذهبت؟

لم يخطر بباله هذا الأمر، فأجابها متلعثماً: ما رأيك بالثوب الذي ترتدينه عندما تذهبين إلى المسرح؟ فذلك الثوب يروقني كثيراً. 

ثم توقف عن الكلام و هو يشعر بالذهول فهو في مأزق الآن لأن زوجته بدأت بالبكاء، فقد رأى دمعتين تسيلان بأناة من طرفي عينيها 

لتستقرا على طرفي فمها.

تابع القراءة: من هنا 

ترجمة ظلال صباغ

لقراءة القصة بالانكليزية: من هنا





عن الكاتب

Zelal Sabbagh

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

For moms and dads