تأثير ارتفاع درجات الحرارة على الصحة العقليّة
أظهرت الأبحاث أنّ الأيام والليالي شديدة الحرارة تؤدّي إلى زيادة الوفيات
وحالات الاستشفاء
كان شهر يوليو أكثرأشهر عام 2022 حرارة ً عبر التاريخ، وذلك وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ، فقد كان سادس أعلى درجات الحرارة المسجّلة في تاريخ أمريكا من شهر يوليوقبل 143 عاماً. أضف إلى ذلك وصول درجات الحرارة ليلاً إلى أعلى مستوياتها عبر التاريخ.
وتؤثّر الحرارة العالية على كافّة الأصعدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تؤدّي إلى ذوبان الأنهار الجليديّة وتعرّض المزارعين للعديد من المصاعب، إضافةً إلى تأثيرها على الحياة البريّة، وقد تذهلك معرفة تأثير الحرارة العالية الوخيم على صحّتنا العقلية.
وفي مراجعة ممنهجة نشرتها مجلّة البيئة العالميّة في الصيف الماضي
أظهرت أدلّة على وجود علاقة بين التعرّض لدرجات الحرارة العالية ومخرجات الصحّة العقليّة،
حيث قامت المجلّة بجمع بيانات 53 دراسة من سجلّات المستشفيات خلال موجة الحرارة.
وقد وجد الباحثون ازدياداً ملحوظاً في الحالات الطارئة وزيارات المستشفى بسبب المشاكل العقليّة خلال موجة الحر. وعلى وجه التحديد فإنّ الوفيّات المتعلقّة بالمشاكل العقليّة تزداد بنسبة 2 بالمئة عند كل مرّة تزداد فيها درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة.
ومن المرجّح أنّ الحرارة المرتفعة تسهم في مشاكل الصحّة العقليّة المرتبطة بتعاطي العقاقير، وضعف الإدراك كمرض الخرف. كما تزداد الوفيّات عند الأشخاص المصابين مسبقاً بأمراض نفسيّة ثلاثة أضعاف مقارنةً بحالات سابقة أخرى ، وتزداد أيضاً أخطار الانتحار بازدياد درجات الحرارة.
ويواجه كبار السن أخطار أكبر خلال موجات الحرارة، وغالباً ما يعود سبب ذلك لضعف قدرة أجسادهم عن تحمل الضغوط، كما أنّ الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المناخيّة الاستوائيّة وشبه الاستوائيّة هم أكثر عرضةً للخطر.
وكشفت دراسة حديثة نُشرت في شهر فبراير في جاما سيكياتري زيادةً بنسبة 8 بالمئة في زيارات قسم الطوارئ؛ نتيجةً لمشاكل الصحّة العقليّة خلال الأيّام شديدة الحرارة، مقارنةً بالأيّام شديدة البرودة، حيث خلُصت الدراسة لأنّ الناس أكثر عرضةً لزيارة المستشفى بسبب الإيذاء المتعمّد للنفس، وتعاطي الممنوعات، والتقلّبات المزاجيّة خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة.
ما الذي يحدث هنا؟ لا يستطيع الخبراء الطبيون معرفة جواب محدّد لكن توجد أدلّة توضّح أنّ درجات الحرارة المرتفعة تؤثّر على كيمياء المخّ، وخاصّةً مستويات هرمون السيروتونين والدوبّامين الذي يساعد على تنظيم المزاج، والوظائف المعرفيّة، وقدرتنا على تأدية المهام المعقّدة، ويؤدّي ارتفاع الحرارة إلى حدة المزاج والضيق النّفسي وهي عوامل مساهمة في تعاطي الممنوعات والانتحار. وهنالك ثمّة دلائل قوية تشير إلى أنّ التعرض للحرارة المرتفعة يؤثّر سلباً على الوظائف الإدراكيّة، والتي توضّح سبب زيادة حالات الاستشفاء بسبب مرض الخرف.
كما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى قلة النوم. وترتبط معظم مشاكل
النوم بجميع مشاكل الصحة العقلية تقريباً؛ مما يؤدّي إلى التهيّج، والإحباط،
والمزاج السيّء. وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل ارتفاع درجات الحرارة خلال الليل
يُشكّل خطراً على صحّتنا العقليّة.