تعلّم طريقة التصدّي للأفكار غير المرغوبة من خلال التفكير الاستباقي
تؤثر الأفكار المتطفّلة
بالأشخاص الذين يعانون من مشاكلَ صحيّةٍ وعقليّةٍ متعددة من ضمنها
الاكتئاب، واضطراب الوسواس القهري و التوتر.
وبحسب ما أفادته الدراسات الحاليّة، من المحتمل تعرضنا لتداخل أفكار غير مرغوبة
وبطريقةٍ مُسيئةٍ.
وقد وجد باحثونَ من جامعة هيبرو في القدس، أنّ الأفضليّة للتحكم
الاستباقيّ في إدارة الأفكار المتطفّلة وليس للتحكم التفاعلي.
وبمعنى آخر، من الأفضل معالجة
الأفكار المتطفّلة على المدى البعيد، عوضاً عن استبدالها بأفكارٍ أُخرى.
تداعي المعاني والتصور الاستباقي
قدمَ الباحثون في عينة من الدراسة، لثمانين َمتطوعاً ستينَ دالةٍ لفظيّة
على شاشة الحاسوب. وكان على المتطوعين كتابة مفردة ترتبط بكل دالّة. على سبيل
المثال، يمكن كتابة كلمة "كرسي" لكلمة "طاولة".
وقد عُرضت كل مفردة على المتطوعين خمسُ مراتٍ وبترتيبٍ عشوائيٍّ.
يستطيعُ المشاركون ضمن الفريق الضابط إعادة استخدام الكلمة
المقترنة ذاتها عندما تتكرر الدالة، بينما
على الفريق المشارك في الاختبار التفكير بمفرداتٍ مختلفة في كل مرة.
يُصنف المشاركون في مقياس من الصفر إلى عشرة، على كل كلمة تذكرهم بالدالة.
حذف المشاركون الكلمات الأشد اقتراناً بدالات الألفاظ، بينما ركزوا على وقت استجابة للدالات و الترابطات الأضعف.
فقد وجدوا في مجموعة الاختبارات، أن الترابطات الأضعف قد زادت من زمن
الاستجابة،في حين كانت الاستجابة أسرع مقارنةً بالترابطات القوية؛ وبذلك تم إثبات فعاليّة
الاستجابة الاستباقية.
إدارة الأفكار المتطفلة
تفيد الطبيبة النفسية ومؤسسة نادي السيدات الموهوبات هانا مارتن بقولها: " عندما يحدث لدينا ردُّ فعلٍ كاستبدال فكرة بأخرى أكثر استحساناً ، ببساطة فإننا نخدع عقولنا تماماً كما تفعل ألعابُ الخفة، لكن ما لا نفعله هو إنهاء واستبعاد تلك العادة".
وتُسهب بشرحها قائلة أن الاستباقية لا تعني إطلاق العنان للأفكار غير المرغوبة، بل "جعلها مُدركة، وتحدّي فعاليتها، ومعرفة مدى جودتها"، وبذلك نختار ما نريد الشعور والتفكير به.
تصف مارتن الأفكار الدخيلة "بالعادات الفكرية"، كونها تنبثق
أحياناً من اللاشعور ناتجة عن الأشياء التي نؤمن بها عن أنفسنا، وتفكيرنا بطريقة تصور الآخرين لنا، أو نتيجة ارتباطها
بالخوف.
كما أشارت الطبيبة النفسية كيندال روتش في بابل بقولها: "إنني غالباً أشجع مرضاي على بعض الفكاهة للمساعدة على إيقاف تدفق الافكار الدخيلة والعمل على استبدالها"، على نحوٍ آخر تدعم مارتن فكرة تحدي الأفكار المتطفلة وغير المرغوبة بقولها: "إذا شعرت بعدم الارتياح والريبة حيال أفكارك ، ، ما الإجراء الإيجابي الذي يمكن اتخاذه لإحداث تغيير؟"
كما تقول: "إن لم تكن صادقة، فلما تسمح لها بالتعدي على يومك؟ في
المقابل كيف تحب أن تفكر أو تشعر؟ وما الذي يساعدك على تحقيق ذلك؟ ما الذي ينبغي عليك تغييره بطريقة حياتك أو
تفكيرك مما يجعلك تشعر بطريقة مختلفة؟
وتتابع بقولها: "عندما يكون لديك إدراكاً واعياً للأفكار التي تراودك،
عندها بإمكانك السيطرة عليها.
الأفكار الدخيلة وعلاقتها بالجائحة
إنَّ تأثيرَ الوباءِ على صحتنا العقليّة مُوّثقٌ جيداً، فقد حثّ على زيادةٍ في الأفكار
الدخيلة لدى بعض الناس.
تحدثَ الباحثون في كندا عن "متلازمة توتر مرض كوفيد"
التي تطورت خلال العامين الماضيين عند بعض الأفراد، ويشمل الأفكار المتطفلة المرتبطة بمرض كوفيد وِسط أعراضٍ أُخرى، مثل الخوف من العدوى أو الخوف من ملامسة الأسطح المُلّوثة.
وأشارت روتش: "أُجبرَ مُعظمنا على ملازمة المنزل بطمأنينة بعيداً
عن مشتتات الانتباه الخارجية التي اعتمدناها في السابق بهدف التغطية على الأفكار
الدخيلة، وتجاهل الصدمات أو مشاكل الصحة العقلية، والمساعدة على التخلص مما نُدمن
عليه باستبداله بأشياء أُخرى".
تُضيف روتش: "كان ذلك جيداً في بعض الحالات؛ لأننا أُجبرنا على
مواجهة الأمور التي لم نكن نعالجها، وكان سيئاً في حالات أُخرى؛ لأنهُ أبعد
المشتتات الجيدة التي نحتاجها لتحسن حالنا".