For moms and dads For moms and dads

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ماذا يُمكن للفشل أنّ يعلمنا؟

ماذا يُمكن للفشل أنّ يعلمنا؟

 

وفقًا لما بينته أحدث الأبحاث، يُمكن للفشل أنّ يُعلِمنا قواعد بسيطة.

بقلم رادو أتاناسيو.

نميل كبشر إلى التعلم من خلال خوض التجربة مباشرةً عوضًا عن التعلم من تجارب الآخرين التي ينبغي لها أنّ تسهل عملية التعلم، كما أننا نتعلم بشكلٍ أفضل من الفشل مقارنةً بالنجاح؛ فما السبب وراء ذلك؟ وماذا نتعلم بالضبط حينما تسوء الأمور؟ والأهم من ذلك، هل يمكن للفشل أنّ يحفزنا على التعلم؟

يُشير بحثنا الأخير إلى قدرتنا على التعلم من الفشل، وبغض النظر عما علمنا إياه التطور، فإننا نستمر في التعلم طوال حياتنا، سواء من خلال خوض التجربة المباشرة أو اجتماعيًا من خلال تجارب الآخرين؛ لذا يجب أنّ نتخذ التعلم الاجتماعي استراتيجيةً للتعلم من المقربين، أو من الكُتب، أو من أقراننا، أو من الخبراء، وهذه تعتبر أسهل وأوفر استراتيجية للتعلم، كونه يوجد مليارات من البشر على الكوكب؛ حيث يمكن استخدامهم كمصادر للمعلومات. ورغم ذلك إنّ ما نتعلمه من الآخرين لا يلتصق بسهولة في أدمغتنا؛ لذا ينبغي أن نتعلم الأشياء المهمة بأنفسنا.

فلماذا يحدث هذا؟

نادرًا ما نتبنى منظورًا جديدًا في بدايات الأمور بصفتنا بالغين؛ فعادةً ما نستبدل منظورًا قديمًا بمنظورٍ جديدٍ، ولكننا لا نجد هذا مريحًا؛ إذ تتجذر وجهات النظر القديمة في عقولنا وحياتنا.

وعلاوة على ذلك، تمنعنا العديد من الآليات النفسية والاجتماعية من تغيير وجهات نظرنا؛ إذ يبدأ الأمر من الانحياز التأكيدي (حيث نميل إلى النظر للأدلة أو الخطاب الذي يؤكد ما نعرفه فحسب ونتجنب ما يعارضنا)، و"تأثير النتائج العكسية" الذي أُثيرت الشكوك حوله مؤخرًا (حيث يشير إلى ازدياد قوة المعتقدات المتأصلة عندما يتحداها شخصٌ ما)، وينتهي إلى التفكير التعصبي والتصميم على عدم تغيير المعتقدات (إذ أننا لا نعارض الرأي السائد إذا لم يعارضه أحدٌ قبلنا).

ونظرًا لأن التخلي عن منظور قديم واستبداله بمنظورٍ جديد يخرجنا من منطقة راحتنا، فإننا نعارض ما يحاول الآخرون تعليمنا إياه؛ فنحن نتعلم ونستوعب بشكلٍ أعمق من خلال التجربة المباشرة. فعلى سبيل المثال، ادعى أحد الرؤساء التنفيذيين الذين أجرينا مقابلة معهم من أجل بحثنا أنَّه "حتى لو سافرت عبر الزمن إلى قبل 12عامًا لأُعَلِم ذاتي السابقة هذا الدرس لما تكيفتُ معه؛ لأنني أحتاج إلى أنّ أخوض التجربة مباشرة قبل التعلم."

ولا يجب علينا خوض موقف ما بأنفسنا فحسب، بل ولسوء الحظ يجب أن يكون هذا الموقف مؤلمًا ليُعلمنا شيئًا ما؛ فقد اعترف أحد المستجيبين لدينا قائلًا إنَّ "كل الأشياء التي تعلمتها كانت بعد أن ضاقت بي السبل."

ومن ناحية أخرى، تُبين دراسة نشرتها كل من مادسن وديساي في عام 2010 أنّه يمكن للفشل أن يُعلمنا بشكلٍ أفضل مقارنةً بالنجاح، كما أنّ الدروس المستفادة من النجاح أكثر عرضة للنسيان.

لذا نتعلم من إخفاقاتنا بشكلٍ أفضل مقارنةً بالتعلم من تجارب الآخرين، إلا أننا نشعر بعدم الارتياح نظرًا إلى أنّ التعلم المباشر يتحدى أيضًا وجهات نظرنا الحالية، وهنا يَكمن السؤال؛ فهل التعلم من الفشل سهل؟ وكيف يحدث هذا؟ وما الذي نتعلمه بالضبط؟

وما يركز عليه بحثنا هو كيف يتعلم الرؤساء التنفيذيين دروس حياتهم؛ حيث يمكن تعميم معظم هذه النتائج بسهولة على كيفية تَعَلُمنا جميعًا من الفشل؛ فما اكتشفناه هو عملية معقدة تنطوي على رؤية ثلاثية، وتبادل بين الحدس والتفكير، وأفعوانية من المشاعر، وينتهي بنا الأمر بتعلم مجموعة من القواعد البسيطة، وحين نتعلم فإننا نكتسب مجموعة من القواعد البسيطة التي تعتمد على سلسلة من الأبحاث التي أجراها كريستوفر بينغهام، وكاثلين أيزنهارت، وآخرين. ويبدأ التعلم بالفشل الذي يخالف طريقة تفكيرنا في الأشياء إلا أنّ الدرس لن يتضح لنا مباشرةً؛ إذ أننا لن نستطيع في البداية استيعاب ما حدث، الأمر الذي يعد مزعجًا. وهنا نتسأل ما الخطأ في منظورنا في ذلك الوقت؟ ما الأمر الذي لم يفلح؟ وغالبًا ما نتألم مما حدث؛ لذا نقوم باسترجاع ما حدث مرارًا وتكرارًا في رؤوسنا لإضافة صبغةٍ منطقية لما حدث ولفهم الافتراض الذي ثبت أنه مُعيب ويحتاج إلى أنّ نمتنع عنه.

وهنا نبصر أخيرًا الحقيقة التي تحفزها مناقشة ما، أو كتاب، أو موقف مماثل يُثير التفكير التناظري، إلا أنَّها لا تظهر على أنها "لحظة أها لقد فهمت الأمر." وكما عَبَّر أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، فإنَّ تلك اللحظة تأخذ فترة أطول ولا تأتي بمفردها، ولكن كونها رؤية ثلاثية فإنها ترشدنا إلى ما نحتاج إلى أن نمتنع عنه، وما نحتاج أنّ نتعلمه بدلًا من ذلك، وما نحتاج إلى القيام به حيال ذلك. وعادةً ما تتضح الرؤى الثانية والثالثة المذكورة في قواعد بسيطة وأمثال نصنعها لأنفسنا للتعلم من الفشل بشكلٍ فعال.

لذا لا بد من توضيح الرؤية الثلاثية بمثال شخصي، وهو ليس افتراضيًا للأسف؛ فقد ضغطت على نفسي بشدة أثناء تدريبي لسباق ثلاثي لمسافات طويلة قبل بضع سنوات وبدأت أشعر بألم في ركبتي، ولكنني تجاهلت الأمر، وواصلتُ تحضيري، وركضت في دورة السباق، وحصلتُ على المركز الثاني قبل الأخير في الميدان رغم العرج في رجلي، وخضعت لعملية جراحية بعد فترة وجيزة. وقد كان هذا هو الفشل الذي علمني درسًا قيمًا، وهو الدافع للتغيير المفاجئ من منظوري.

والسؤال هنا كيف عملتْ الرؤية الثلاثية في هذه الحالة؟

اعتقدتُ أنه يمكنني أنّ أضغط على جسدي وأستنفذ طاقته بلا حدود، ولكن ما علمتني إياه البصيرة الأولى هو أنّ هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، وهذا هو الجانب الذي أدى إلى إصابتي؛ لذلك عزمتُ على تركه عن قصد؛ إذ أنَّ "جسدي بالتأكيد ليس مقاومًا للكسر."

وعلمتني الرؤية الثانية المبدأ الصحيح والذي لخصته في قاعدة توجيهية بسيطة، وهي أنَّه "يتعين علي أن استمع إلى جسدي وأعامله باحترام كصديقٍ وليس كعبد."

وعلمتني الرؤية الثالثة أخيرًا كيفية تطبيق هذا المبدأ الجديد في تدريبي اليومي، ولقد أوضحتُ ذلك في قاعدةٍ واقعية بسيطةٍ، وهي أنَّه "عند أول ألمٍ، انتبه، وعند ثاني ألم، توقف."

كيف يمكننا تحفيز عملية التعلم من إخفاقاتنا؟  يمكننا فهم تجاربنا السلبية بشكلٍ أفضل وتحويلها إلى دروس قيمة من خلال محاولة فهم ثلاثة أشياء، استنادًا إلى إطار الرؤية الثلاثية، وهي الاعتقاد الذي ثبت عدم صحته، وما هو البديل الصحيح له، وماذا يَتَعين علينا فعله حيال ذلك؛ حيث يمكننا فعل ذلك من خلال إكمال العبارات التالية:

"قبل الفشل، اعتقدتُ أنّ (....)،

ولكن بعد ذلك أدركتُ أنّ (...)؛

والآن، أنا أقوم بـ (...)."

قِم بتجربة هذا، وفكر في آخر مرة فشلت بها، وحاول أنّ تستوعبها بشكل أفضل؛ فالأمر لن يستغرق أكترمن دقيقة فقط.

وخلاصة القول أنَّه إذا قمنا بتوضيح درسنا الثلاثي الجديد في مثالٍ شخصي قصير ومُلفت للانتباه، فمن المحتمل أن نتذكره بشكلٍ أفضل. إذن، بعد أنّ نختبر الدرس ونرسخه، يمكننا مشاركته مع من حولنا للاستفادة من تجربتنا لو استمعوا لنا فحسب.


ترجمة شيرين مدحت

تدقيق ومراجعة: مادلين مأمون  

المصدر من هنا

عن الكاتب

Zelal Sabbagh

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

For moms and dads