التّضليل الذاتيّ
الأكاذيب التي نخبرها لأنفسنا..
بقلم رتشارد جويلسون
"لقد
أردتُ الاتّصال بك، ولكن لم يكن لديّ متسعٌ من الوقت!"
"لا
أستطيع إطلاقاً إدّخار النقود لعضويّة النّادي الرياضيّ، أو حتّى لمدرِّب شخصيّ"
"لستُ متأكدّاً إذا ما كنتُ أمتلك نقوداً تكفي لأدفع لجليسة أطفال" "لم يكن هناك شيء لأفعله حيال الأمر!" "يستحيلُ أن أجدَ وقتاً لتناول الغداء"
جميعنا نردِّد في قرارة أنفسنا بين الحين والآخر عباراتٍ كهذهِ وأخرى كثيرة من مثيلاتها. معتقدات كتلك التي ذكرناها آنفاً، تُقال بيقين تامّ، وغالباً نستخدمها فندمِّر ذواتنا، ونرفضَ لأنفسنا أسلوب حياة أكثر رضى وإنجاز. أشيرُ إلى هذه التصريحات التي تطرق مسامعنا بشكل متكرر "كتضليلٍ ذاتيّ"ّ. عندما أتمتع بالوعي الذاتي وأكون متبصِّراً في حياتي، فإنّي أحاولُ أن أتحدّى نفسي عندما أسمعها تردّدُ عبارةً مثل "ليس لديّ وقت للعمل على هذه المقالة"، أو "إنّني مُنشغلٌ جدّاً لا يمكنني حضور هذا المؤتمر".
وكوني في موضعٍ يحتِّمُ عليَّ تقديم المساعدة للآخرين، فإنّه كثيراً ما يتردّد إلى مسمعي أمثلة عن معتقداتٍ راسخة كتلك، فأجدُ نفسي أمام محاولة تحديد إذا ما كان الذي أسمعه هو مجرّد تضليل محبِط للذات، أم أنّ هناك سبباً منطقياً وراء ذلك المعتقد. وغالباً ما تكون الإجابة واضحةً وبشكل مباشر. وهي أنّ الشخص الذي لا يستطيع أن يسدّد تكاليف عضويّة النادي الرياضيّ (85$ شهريّاً) هو خبير في شرب النّبيذ، لا يكترث عند فتح زجاجة شراها بتكلفة 200$ في آخر عشاء مع الأصدقاء. إنّه من السّهل أن ترى في هذه الحالة كيف تتحكّم قيم الشّخص وتفضيلاته بأحكامه ومعتقداته حول تحديد إمكانيّة شراء شيء ما. وبشكلٍ مشابه، فإنّ ذاك المريض الذي كان يحاول إقناعي أنّه "من المستحيل" بالنّسبة له أن يستطيع ادّخار المال من أجل السّفر لحضور زفاف أحد أقربائه في السّاحل الغربيّ - قد أضاف مؤخراً إضافةً مهمّة لمجموعته الفنّية؛ والأمثلة لا تنتهي.
كما تترتب مشكلتان على أولئك الذين يقولون أنّهم لا يمتلكون وقتاً كافياً، وهما النّوم الكافي والطّعام الصّحيّ. فالعديد من الأعراض أو المشكلات التي يشكو منها النّاس الذين يعانون من قلّة النّوم يمكن التخلّص منها -أوعلى الأقلّ تخفيفها- من خلال أخذ قسط أكبر من الرّاحة. و يكونُ الادّعاءُ في أغلب الأحيان أنّه لا يوجد وقت كافٍ لذلك؛ ويعود هذا الزعم غالباً إلى الاعتقاد بأنّ النّوم هو "مضيعةٌ للوقت" حيث لا يحدث خلاله أيّ شيءٍ هادف أو ذو مردودية.
وغالباً ما يبرِّر الأشخاص المنشغلون بانّ غذاءهم غير الصحّي أو حتّى عدم تناولهم الطّعام إطلاقاً يعود إلى متطلّبات العمل الطّارئة التي لا تدع لهم وقتاً لتناول الطّعام المناسب.
وربّما لو أصبح لدينا وعيٌ "بتضليلنا الذاتيّ"، أن تتاح لنا فرصةً أفضل لمواجهة بعضاً من سلوكيّاتنا المحبِطة للذات بنجاح.