المديح يبني شخصية الأبناء
كثرالحديث
خلال السنوات الماضية عمّا إذا كان أبناؤنا اليوم يتمتعون بتقدير الذات أم لا. يحتج
البعض بأنّه ليس بوسع الوالدين أن يمنحوا الأطفال تقديرالذات لحد كبير، يعود سبب
ذلك إلى العالَم الجِلف من حولنا الذي سيؤدي دوره ويهدّم الأطفال بأية طريقة. فهناك
المتنمرون و المعلمون الصارمون و المدربون الشرسون و الرؤساء الذين سيسعون مستقبلًا
للتأكد أنّ ابنك ليس لديه أنانية مُفرطة.
إلا
أنّ فريقًا آخر أوضح أنّ الإطراء المغالى فيه ينتج عنه أبناٌء مدلّلون للغاية. فبإعتقادهم
أنّه ينبغي أن يُمتدح الطفل ليتصورأنّه لا
مثيل له وأنّ كل ما ينجزه هوأعظم ما يتم انجازه، لذا ينبغي على الوالدين ألا
يغاليا بمديح أبنائهم.
والحقيقة
أنّه يمكن الأخذ بكلا القولين، ففي حين أنّ المديح هو جزء هام من تربية الأبناء، إلا
أنّ التقديرات المبالغ فيها لا تؤتي ثمارها، لكن إن قُدّمت بالشكل المناسب فستساعد
على بناء شخصية ابنك بدل خلق الأنانية المفرطة لديه.
سنعرض
خمسة أمثلة يستخدم فيها المديح كوسيلة لبناء وتعزيز شخصية سليمة:
1.امدح ابنك لمراعاته مشاعر الآخرين
الحالة: سقطت شطيرة صديق ابنك على أرضية ساحة اللعب، فشاطره ابنك شطيرته
المديح الذي يصعّد الأنانية:
"عمل رائع أنّك ذو كرم مع الجميع على الدوام."
المديح الذي يبني الشخصية:
إنَّه
لطف منك أن تشاطر صديقك الشطيرة، فقد جعله هذا الأمر يبتسم."
إنّ وصف
ابنك ب"ذو كرم على الدوام" يوجّه التركيزعلى تقديرك أنت له، كما أنّه من
المستبعد أن يكون ابنك ذو كرم "مع الجميع" "على الدوام." وبإشارتك
له إلى أنّ عمله جعل صديقه يبتسم، تُبيّن له أنّ المشاركة يجب أن تكون بتقديم عمل
ودي لطفل آخر وليس بكسب مديح من شخص بالغ.
إنّ
هذا النوع من المديح يدفع ابنك لأن يُقدِم على فعل جيد حتى وإن لم يكن يشاهده شخص
بالغ.
2.امدح جهود ابنك بدلًا من تحصيلاته
.الحالة: عرض ابنك تقريره المدرسي وقد حصل على تقدير ممتاز
المديح الذي يصعّد الأنانية:
إنّك
طفل نجيب، لأنّك تحصل دائمًا على درجة ممتاز.
المديح
الذي يبني الشخصية:
أعجبني
أنك اجتهدت هذا العام، وها قد حصدت ثمار جهودك.
إن
امتداح النتائج يوجّه التركيزعلى التحصيل النهائي، وهذا قد يدفع ابنك إلى عمل يضمن
له التفوق ليس إلا، في حين أنّ امتداح الجهود التي بذلها يبين له أنّ قيمة
الاجتهاد تفوق قيمة تحصيل الدرجات الجيدة.
3.امدح قدرة ابنك على التعلم من أخطائه
الحالة:
تشق مادة الرياضيات على ابنك، وقد عرض اليوم عليك درجة النجاح في
اختباره المؤخر.
المديح الذي يصعّد الأنانية:
واو،
نجحت في الاختبار، عمل رائع علمت أنّه بإمكانك الحصول على تلك الدرجة.
المديح الذي يبني الشخصية:
"حين
كانت تشق عليك مادة الرياضيات لم تُعرض عنها وتعلّمت من أخطائك، وهذا أمر جوهري لأنّنا
سنتعرض لتحديات في الحياة وينبغي علينا أن نتعلم أنّ بالعمل الدؤوب يمكننا تجاور
تلك الصعاب."
إنّ
امتداح ابنك على النجاح باختبار ما سيوجّه انتباهه إلى أهمية النّجاح، في حين أنّ
تذكيره بأنه قد تَعلّم من الأخطاء التي وقع فيها، وأنّ التّعلم من الأخطاء يُعد
بحد ذاته بمثابة فرصة للتعلم. ومن المهم كذلك أن تخبره عن أهمية الاجتهاد وتجاوزالصعاب
من خلال الاستقامة في العمل.
4.امدح سلوك ابنك المحترم
: أبدى ابنك روحًا رياضية أثناء ممارسة رياضة كرة القدم.الحالة
مثال
عن المديح:
"عمل رائع اليوم!"
المديح الأنسب:
"لقد
أبديت روحًا رياضية في الملعب اليوم، فقد قمت بمصافحة أعضاء الفريق، ولم تتذمر من
نداءات الحكم غيرالمحبذة، وقد قدمت المساعدة لأحدهم حين تسببت له بالتعثر، فذلك أمر
جوهري كونك ضمن فريق."
وحين
تقول كلمات مثل "عمل رائع" فقد لا يدرك ابنك ما تقصده، لذا عليك أن تحدد
الأمر الذي تمدحه فيفهم لماذا تمدحه. وبدل أن تمدح مهارات ابنك ومواهبه، أشرله إلى
طريقة التعامل والنقاشات التي تأثر بالآخرين.
ولأن يكون سلوك ابنك محترمًا، أهم بكثير من أن يفوز أو يخسر تنافسًا.
5.امدح اجتهاد ابنك
.الحالة:ابنك يكسب النجوم في لعبة البيسبول، وأنت غير متوقع لذلك
مثال عن المديح:
"واو،
كنا مخطئين، لم نتوقع أنّك ستجعل الفريق يتغلب على جميع الأطفال."
المديح الأنسب: لابد أنّ المدرب لاحظ أنّك بذلت ما بوسعك هذا الفصل الدراسي وقرر أن يمنحك نقطة في فريق النجوم
إيّاك
أن تتراجع عن المجاملات التي وجّهتها على نقاط ضعف ابنك ولا تقارن ابنك بطفل آخر،
فقد يجعل ذلك ابنك يرغب بأن يكون "الأفضل"، فبدلًا من ذلك، امدح الجهود
التي بذلها ووضح له أنّ الجهود تؤتي أُكلها، وتجنب اعطائه توقعات غير واقعية. بيّن
له أنّ الاجتهاد لا يُكافئ النجاح على الدوام، وامدحه حين يُبدي قوة ارادة للنهوض
بعد الفشل.
إنّه
أسهل عليك أن تمدح مميزات ابنك وانجازاته من أن توجّه له دروس في الحياة لبناء الشخصية،
وإذا ما بحثت عنها فستجد فرصًا وفيرة لمدح سلوك ابنك وجهوده.