عندما يرتكب طفلك خطأً ما ..
طريقة تفاعلك مع إخفاقات طفلك قد يكون لها تأثيرٌ
مدهش..!
بقلم :كاثرين لي
يتعين على كل والدين تعلم فن التعامل مع أخطاء الأبناء، وبغض النظر ما إن كان طفلك يخسر مباراة لكرة القدم أو
يتعرض للضرب من قبل شقيقه أو صديق له خلال اللعب بلعبة لوحية
أو يحصل على بطاقة تقرير سيئة أو يعاني من أي نوع آخر من الانتكاسات أو خيبات الأمل، فلن
تسيرالأمورفي الحياة كما يريد، إنّ طريقة استجابتك خلال هذه اللحظات مهمة لتطور طفلك اجتماعياً وعاطفياً.
وحسب
الحالة والظروف، يتفاعل قسم من الأهالي مع نكسة أولادهم بمواساتهم . قد يركز آخرون
على الخطأ الذي ارتكبه الطفل أو يتوجَّسون لأنّ طفلهم لا يبلي بلاءً حسنا، وفي حالات
أخرى قد يغضب الآباء من طفلهم أو من أي شخص يقع عليه اللوم في حدوث الخطأ سواء كان حكماً أو مدرباً
أو مدرساً أو قاضياً، وكيفما كانت ردة فعلك فإنّها تؤثرعلى أطفالك.
كيف تؤثر ردود أفعالنا على أطفالنا؟
قد
لا تدرك الأمر، لكن ردود أفعالك اتجاه فشل أطفالك يمكن أن تؤثر تأثيراً دائماً على طريقة
تعاملهم مع هذا الفشل والمضي قدماً، يمكن أن تؤثر ردود الفعل أيضًا على مدى تحلي الأطفال بالمرونة وعلى ثقتهم بأنفسهم وكيف يتعاملون مع الأخطاء مما يسبب لهم الفشل مدى حياتهم.
يمكن لردود فعل الآباء على إخفاقات الأطفال أن تحدد نظرة الطفل حيال ذكائه، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة سايكولوجيكال ساينس.
وجد
الباحثون في جامعة ستانفورد أن تعامل أحد الأبوين مع نكسات وأخطاء الطفل بطريقة إيجابية كانت أم سلبية قد تساهم بتكوين قناعات الطفل
حول الذكاء و تؤثر بالتالي على مستقبله .
تقول كيلا
هايموفيتز، الدكتورة والمؤلفة الرئيسة لهذه الدراسة وباحثة في قسم علم النفس بجامعة
ستانفورد: "ما يعتقده الأطفال حول الذكاء له تأثير كبير على مدى جودة أدائهم".
سأل الباحثون 73 ثنائياً من (الوالدين) سلسلة من الأسئلة المتعلقة بالفشل والذكاء. كان الأطفال من طلاب الصف الرابع والخامس، وقد أظهرت النتائج عدم وجود صلة بين معتقدات الآباء و ما يعتقده أطفالهم عن الذكاء إلا أنّه كان هناك توافق بين مواقف الآباء ومعتقدات الأطفال عن الذكاء.
يعتقد
الباحثون أنّ الأمر يتعلق بالرسالة التي تمررها ردود فعل الوالدين إلى الأطفال، فعلى
سبيل المثال قد ينقل الآباء الذين تفاعلوا بتوتر وقلق بسبب علامة الاختبار المتدنية رسالة إلى أطفالهم مفادها أنّهم
لن يتحسنوا لأن الذكاء ثابت .
لكنّ الآباء الذين ركزوا على ما يمكن أن يتعلمه الطفل
من درجة الاختبار المتدنية قد يجعل الأطفال يدركون أنّ الذكاء غير ثابت وأنّه يمكنهم
تحسين درجاتهم من خلال الدراسة .
كيف تنقل الرسالة الصحيحة
ثمة
العديد من الطرق للتأكد من أن طفلك يفهم فكرة أن الفشل ليس علامة على ذكائه أو قدراته،
وفيما يلي بعضاً من الطرق الهامة للتجاوب في المرات القادمة التي يعاني فيها طفلك من
نكسة.
راقب ردة فعل طفلك
اعتمد توجيهك من ردة فعل طفلك حول
موضوع الخسارة، هل هو سعيد لأنه فعل ما بوسعه؟ هل هو غاضب من نفسه بسبب الفشل ؟ إذا
كان غاضباً أو مستاءً من نفسه بسبب الخسارة فحاول توجيه هذا الشعور إلى رغبة في بذل
قصارى جهده في المرة القادمة.
ركز على المستقبل
بدلاً من الحديث عن الخسارة، ركز على إيجاد طريقة أفضل للإنجاز في المرة القادمة، وذكّر طفلك بأنّ جميع الأخطاء التي حدثت يمكن أن تكون أداة مفيدة وتعليمية في معرفة ما يجب القيام به أو تجنبه في المستقبل.
تخيل نفسك كمراقب
راقب نفسك كيف تتفاعل مع الخطأ
الذي ارتكبه طفلك، هل تعتقد أنّك كنت داعمًا وتقدم نصيحة قيِّمة؟ هل تعتقد أنّك تحدثت
بطريقة لطيفة ومريحة ؟ أم كنت قاسي و نقدي أم سلبي ؟ تخيّل نفسك مشجعاً بدلاً من أن
تكون محبِطاً.
ركز على مجرى الحدث بدلاً من النتيجة
تحدّث عمّا كان ممتعًا، وما أعجبهم
وما لم يعجبهم، وما يعتقدون أنه يمكن القيام به بشكل أفضل في المرة القادمة. ساعدهم
في توجيه طاقتهم ووضع أساليب الإنجازفي المستقبل والتركيز على المتعة والرغبة في
التعلم بدلاً من تحقيق الفوز.
امتنع عن إظهار الشفقة لطفلك
تقول الطبيبة هايموفيتز عندما تحاول مواساة طفلك، احرص على عدم شعوره بالشفقة، الامر الذي قد يضره ويشعره بالعجز، فبدلاً من قول " للأسف لا يمكنك القيام بهذا" نوِّه لما قد جرى بشكل سيء وركز على ايجاد حل.
بيِّن أنّ إخفاق طفلك في مجال محدد
تأكّد من إخبار طفلك أنّ هذه النتيجة
لا تحدد حقيقهم وأن ثمة الكثير من الأشياء التي يبرعون بها. تحدث معهم عن الأوقات التي
فشلت أنت فيها من قبل وما الذي فعلته لتغيير
النتيجة لاحقاً، وأكد لهم أنّ ارتكاب الأخطاء من سمات البشر.
مارسوا نشاطاً ممتعاً معاً
عزز
احترام طفلك لذاته وادعم ثقته
بنفسه من خلال القيام بشيء يحبه ويجيده، وقد يساعدهم أخذ استراحة بعيدا عن المشكلة
الحالية على التركيز على استراتيجيات وأفكار جديدة لمواجهة المشكلة في المرة القادمة.
تجنب تقويم أخطائهم
ذكرهم بحبك الغير مشروط
أخيرًا طمأن طفلك بأنّك تدعمه دائمًا وأنك جاهز للتكلم معه عن مشاعره وهواجسه بخصوص أي خطأ يرتكبه. وتأكد من إدراكه جيداً أنه بإمكانه الاعتماد على حبك له، وأنّه يمكن أن يلجأ لك و أن يثق بك دائماً.
ما يمكن أن يتعلّمه الأطفال من الفشل
من
الصعب جدًا على الآباء مشاهدة الأطفال يفشلون أو يرتكبون الأخطاء، لكن معرفة متى
تتراجع ومتى تسمح لهم بالتعامل مع الأزمات بمفردهم وفشلك أحيانًا بتحقيق ذلك هو جزءٌ
مهمٌ من كونك والدًا جيدًا. وبقدر ما يبدو الأمر صعبًا بقدر ما يمكن للأطفال أن
يتعلموا من خلال ارتكاب الأخطاء.
في
الواقع يساعد إتاحة الفرصة للأطفال على ارتكاب الأخطاء في بناء المرونة وهي تجربة حياتية
أساسية بمجال تنشئة أطفال واثقين وذو كفاءة، وعندما تتيح للأطفال فرصة المحاولة من
خلال مواقف مختلفة ويقعون في الفشل، فإنّك تسمح لهم بتطوير وصقل المهارات الاجتماعية
والعاطفية الضرورية.
ولكن عندما لا يكون لدى الأطفال فرص للفشل أو الكفاح، فإنّهم غالبًا ما يتكون لديهم تدني احترام الذات ومهارات غير متطورة في حل المشكلات. كما أنّهم ينزعون للخوف من الفشل ويكونون أقل استعدادًا لتحمل المخاطر أو خوض تجارب جديدة.
ومن الناحية الأخرى، عندما يكافح الأطفال ويتغلبون
على المصاعب، فإنهم يعرفون أنّ الفشل ليس تجربة ممتعة، كما أنّه ليس نهاية العالم، إنهم
يتعلمون كيف يستجمعون قواهم ليحاولوا مرة أخرى .
وبرأي الباحثين الآباء ملزمون بتعليم الأطفال أهمية الفشل، بما في ذلك كيفية التفاعل معه وكيفية التعلم منه. فارتكاب الأخطاء والفشل يتيح للأطفال تطوير مهارات المثابرة وضبط النفس التي يحتاجونها للتفاعل جيداً مع العالم من حولهم.
ترجمة: رشا داوود
تدقيق ومراجعة: ظلال مصفى صباغ
المصدر: من هنا