أثر تيار إقلاع هادئ على الصّحّة العقليّة
بقلم آدم انجلاند
إذا كنت تستخدم برنامج التك توك tiktok)) أو ما شابه ذلك، فلا بدّ أنّك قد سمعت عمّا يسمى بـ "الإقلاع الهادئ"، وهو مفهوم تزداد شعبيّته في بعض الأحيان بين الجيل (z) ومحترفي جيل الألفيّة على وجه الخصوص. مع 11.3 مليون مشاهدة عبر جميع مقاطع الفيديو التي تحتوي على علامة التّصنيف quiet quitting#، انتشر هذا المحتوى مؤخّرًا واندلعت شعبيّته في الآونة الأخيرة.
وعلى الرّغم من هذه التّسمية، إلاّ أنّها لا تعني ترك الوظيفة بشكل فعليّ. وعِوضاً عن ذلك، فإن الأشخاص يرفضون الإنجاز الزّائد، ويكرهون ثقافة الزّحام التي لا نهاية لها، واضعين حدودا لأنفسهم في العمل. ويقصدون بذلك: القيام بعمل بسيط يفي بمتطلبات وظيفتهم بعد أن وضعوا الحدود مع أرباب أعمالهم.
إن الدكتورة ماريا كورد وفيتش – الأستاذة المشاركة في السلوك التنظيمي في جامعة توتنهام ومديرة مركز التّعليم والتّعلّم للمحترفين -تصف ذلك بأنه: "القيام بالحد الأدنى المطلوب للحصول على وظيفة واحدة دون السّماح لها بالتّسرُّب إلى مجالات أخرى من حياتنا.
وقد يكون السّبب هو أنَّ الموظّفين الرّاغبين في إيجاد توازن أفضل بين العمل والحياة سيتوقّفون عن الذّهاب إلى أبعد من ذلك في مكان عملهم، على سبيل المثال، ومن خلال عدم قيامهم بأيِّ عملٍ خارج أوقات الدّوام المخصّصة لهم أو التوقف عن وضع إنتاجيّة لا هوادة فيها على حساب رفاهيتهم.
ما الذي يستلزمه الإقلاع الهادئ؟
توضح بولا ألين -القائد العالميُّ ونائب الرّئيس الأوّل للأبحاث والرّفاهية الكاملة في Life Works- ما يلي كعلامات على الإقلاع الهادئ:
·
قول (لا) لكل مهمّة خارج الوصف الوظيفي التّقليديّ
·
عدم الرّد على رسائل البريد -الالكتروني -أو الرّسائل خارج العمل
·
مغادرة العمل في الوقت المحدّد
·
ألا تستنزف طاقتك من النّاحية العاطفية
·
عدم الإفراط في الإنجاز
·
تخفيض الاهتمام إلى أبعد الحدود لتأمين ترقية في شركتك.
عندما تصبح فكرة العمل شبيهة بالعادة كما هو حاصل في بعض النواحي -وهي شكل من أشكال الإضراب الصّناعيِّ -فإن الموظّفين يقومون بأداء الحدّ الأدنى بدلاً من الإضراب. وقد يعني هذا عدم الحصول على وقت إضافي، أو التّحقُّق من رسائل البريد الإلكتروني خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو القيام بأيِّ مهام إضافيّة تخدم الشركة.
وعلى عكس مبدأ العمل كعادة، فإن الأمر يتعلق – وعلى نطاق أوسع –بإجراء فردي قد يتخذه الموظفون بدلاً من أي شيئ تنظمه نقابة أو مجموعة، إلّا أنه يتطّور (وبشكل مؤكّد) إلى حركة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيِّ.
لماذا يفعل الناس ذلك؟
هناك كثير من الأسباب ما تجعل من الأشخاص أشخاصاً هادئين. أحدها ولعله السبب الرئيس: ألا وهو استعادة بعض مظاهر التّوازن بين العمل والحياة، كما وضّحته الدكتورة كورد وفيتش، والتي تقترح أيضاً: على أنّه نوع من استراتيجية المواجهة التي قد نتبناها لحماية أنفسنا من الإرهاق والعمل الشاق.
وقد يكون من السهل جداً الانشغال بالعمل إلى درجة
تؤثّر على بقيّة نواحي حياتنا، مما يمنحنا وقتاً أقلّ للاسترخاء والعناية بأنفسنا،
ورؤية العائلة والأصدقاء، والقيام ببعض التمارين والقائمة تطول…
وممّا يساعد على الإحباط أيضاً، ألاّ يحصل الأشخاص على زيادات في أجورهم – وأقل ما يمكن بأن تتماشى تلك الزّيادة مع ظاهرة التضخم – بينما يرون الرؤساء التنفيذيين يزدادون ثراءً، وسط أزمة المعيشة.
أخذت الصّحة العقلية للشباب في الولايات المتحدة بالتّدهور والإقلاع الهادئ هو ردة فعل.
قد لا يشرع بعض الأشخاص بالإقلاع مباشرة، إلاّ أنّ البعض الآخر يرى تحولاً ما في مرحلة من
مراحل عملهم. تقول توروني الحاصلة على درجة الدكتوراه، والاستشارية في علم النفس،
والمؤسسة المشاركة في عيادة علم النفس في تشيلسي: "ربما بذلوا قدراً هائلاً
من الجهد في وظيفة من أجل تلبية متطلبات العمل، ولكنهم واجهوا تقصيراً كبيراً في الشكر
والتقدير، مما أدى ذلك إلى شعورهم بالإحباط وبالتالي يتحول السلوك إلى إقلاعٍ هادئ.