For moms and dads For moms and dads

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كيف يمكننا أن نتوخى أهدافاً لمستقبلٍ مشرق؟

 

كيف يمكننا أن نتوخى أهدافاً لمستقبلٍ مشرق؟

عالِم مستقبليات يُوضّح طرق تعزيز التعايش والتكيُّف لديك حتى في حالات الرِّيبة.

بقلم كاثرين رينولدز لويس

خلال رحلةٍ عائلية حظيت بها مؤخراً، راودني سؤالٌ حول إذا ما كان عليَّ الحصول على تأمين إلغاء الرحلة، فمنذ سنون قليلة، كنتُ قد رفضت هذا الخيار دون تردد ولكن ماذا إذا ما اشتدت الجائحة مرةً ثانيةً؟ ماذا إذا ما ارتفعت أسعار الغاز بشكلٍ مهول؟ ماذا إذا ما مَرِضَ أحدنا؟ لقد تسبب كل ذلك في تكوين دوامة من التساؤلات تحوم في ذهني الذي كاد أن يصاب بالشلل.

إذا ما كنت تخطط لفعاليةٍ ما، أو تتفق مع أحدهم على التزامٍ ما، أو حتى تُسجِّل في نشاطٍ ما، فإنك تتوق إلى الحصول على فكرةٍ واضحة عما يُخبئه مستقبلك لك. إذ يُعدُّ ذلك بمثابة خوض مهمة مُضنية على الدوام فيما يتعلق بمواجهة الأحداث غير المتوقعة كالجوائح، والثورات، والحروب، والاقتصاد غير المستقر، إذ يحاول كل ما ذكر استدراجك لتعود زاحفاً إلى السرير وتسحب الغطاء بكل بساطة ليُغطي جسمك بالكامل وحتى رأسك.

لست وحدك من يعاني من ذلك، إذ أنه تم إجراء  دراسة مطوَّلة مؤخراً هذا العام والتي أشارت إلى ارتفاع نسبة التعاسة بين الأمريكان مقارنةً بأولئك الذين يشعرون بالسعادة للمرة الأولى منذ أن بدأت الدراسة عام 1972.

فقد تم إجراء الدراسة على عشرة آلاف شاباً كلاً على حدة خلال العام الماضي، وتبيَّنَ أن التخوُّف من التغيرات المناخية يؤثر سلباً في المشاركين الذين أجريت عليهم الدراسة بشكلٍ يومي بنسبة تتجاوز 45 في المائة.

إذ قالت جين مغونيغال، وهي مديرة البحث والتطوير في مجال الألعاب في معهد المستقبل وحاصلة على شهادة الدكتوراه، إن هذا أحد الأسباب التي تزيد من حاجتنا إلى جرعة تفاؤل مُستعجلة. كما حددت الأدوات التي نحتاجها جميعاً لنرسم غداً دون أي مخاوف، وفقاً لكتابها قابل للتخيل: كيف يمكننا أن نرى المستقبل الآتي ونستعد لأي شيء_ حتى الأشياء التي تبدو مستحيلة اليوم. كما أوضحت مغونيغال "تُعطي جرعة التفاؤل المستعجلة إحساساً قوياً بأنه ثمَّ أمور مهمة يمكنك القيام بها لرسم الطريق التي سيسلكها مستقبلك." وأضافت "إنه شعورٌ مختلط من أن تكون مستعداً للتفكير بالأمور التي يصفها الآخرون على أنها مستحيلة؛ وأن تكون مستعداً أيضاً لتخيل أنواع الأفعال الإيجابية، والحركات الاجتماعية الجديدة، والقدرة التكنولوجية على خلق نقطة تحول إيجابية."

كما أجرت مغونيغال تجارب محاكاة واسعة النطاق، والتي تُصوّر تجربة الناس في التعامل والتعايش مع الأزمات. فقد أشرفت، منذ ما يقارب العَقد وقبل أن تظهر أزمة كوفيد-19، على أكثر من 20 ألف لاعباً يحاكي العيش في ظل جائحة عالمية- وقد تمكن اللاعبون من حصد توقعات دقيقة وعلى نحوٍ ملحوظ فيما يتعلق باضطرابات في عمل سلسلة التوريد، بالإضافة إلى ظهور معلومات مضللة في ذلك الشأن والتي تعكس تجربةً واقعية خاضها عالمنا عام 2020.

ومن الجدير بالذكر أنهم شعروا بالتفاؤل والقوة أكثر مما تتوقع بعد أسبوعٍ من العيش في مثل هذه البيئة المرعبة.

وأوضحت مغونيغال "تُعتبر جرعة التفاؤل المستعجلة طريقة للتفكير، إذ أنها ليست سمةً شخصية." وأضافت "يمكننا رفع مستوى التفاؤل من خلال ممارسة وتعزيز ثلاث نقاط قوة نفسية: المرونة العقلية، والأمل الواقعي، والطاقة المستقبلية أو الكفاءة الذاتية."

المرونة العقلية

 إن المهارة الأولى التي ينبغي صقلها هي القدرة على إدراك الفرد أنه يمكن لأي شيءٍ أن يتغير. رغم أنه يمكننا الإيمان بأن العديد من الأمور مسلمٌ بها في يومنا هذا-كوجود الحاسوب في جيبك، ووجود السيارات ذاتية القيادة، ووجود خدمة تسليم الطرود في يومٍ واحد- إلا أن هذه الأمور كانت لا تُصدَّق قبل عقدين من الزمن.

ينبغي لك أن تتحدى فرضياتك وتتخيل الجانب المعاكس، فعلى سبيل المثال، يُدير معهد المستقبل لعبةً تدعى (100 طريقة يمكنها أن تجعل من أي شيءٍ مختلفاً). حيث يمكنك أن تنتقي موضوعاً، كالحق في التصويت، ومن ثم تضع لائحةً تحوي 100 بنداً صحيحاً-مثل "إن عمر التصويت هو 18 عاماً."

ومن ثم تخيل كيف يمكن لهذه الأمور ألّا تتحقق- ماذا لو كان بإمكان الرُّضع أن يصوِّتوا؟

من الممكن أن يبدو نقيض كل جملة سخيفاً للوهلة الأولى، ولكن إذا كتبت معطياتك بشكلٍ مقلوب في محرك البحث "جوجل"، فمن الممكن أن تكتشف وجود أشخاص آخرين يسعون لتحقيق هذا التصوُّر في المستقبل. إذ تزعم مغونيغال أنه "يمكننا أن نحرر عقولنا جوهرياً." كما أضافت "لا يمكنك تحديد ما ترنو إليه حتى تتمكن من صياغة الأفكار المستحيلة."

إذ يمكنك أن تُكرِّس المائة طريقة للعب كدليلٍ في حياتك. فمن المحتمل أن تتطلع إلى الانتقال إلى بلدٍ آخر أو تغيير وظيفتك، ولكنك صنفتها كخيارات مستحيلة. فمن خلال تصوّر كيف يمكن للمستقبل أن يكون، يمكنك أن تتوقف عن مخاطبة نفسك بشأن التغير الذي يمكن أن يعود عليك بالنفع وأن تبدأ في تطوير أفكار جديدة فيما يتعلق بالأهداف قريبة المُنال. فقد أوضحت مغونيغال "يمكن لهذه اللعبة أن تفتح الباب على مصراعيه أمام عقلك."

ومن الجدير بالذكر أنها تتعارض مع المفهوم الذي يشير إلى أنه لا يمكنك فعل أي شيء لتغيير الموقف. إذ قالت مغونيغال "تنبع الثقة والسلام الداخلي من الاستعداد للتفكير بالأمور الكبيرة والجسيمة." فعندما تواجه أمراً غير متوقعاً، فإنك ترى انعكاساً للمستقبل الذي تخيلته، كاللاعبين الذين خاضوا محاكاةً للجائحة قبل وقتٍ طويل من ظهورها، وينعكس ذلك على شعورك بالتحضر والثقة في أوقات الرِّيبة.

يُعد تصوُّر النفس في المستقبل، أي بعد خمس أو عشر سنوات من هذه اللحظة، أحد التمارين الأخرى التي توصي بها مغونيغال. فيمكنك تصوّر أين تعيش؟ وكيف تقضي يومك؟ ومن هو شريكك؟ كن دقيقاً قدر الإمكان ودع حواسك تعيش المستقبل لحظةً بلحظة لتجعل منه واقعاً حياً قدر الإمكان.

فعندما تتخيل نفسك بعد عشر سنوات من هذه اللحظة، سيشهد عقلك وقتاً من الرحابة. إذ يبدو العقد وقتاً وفيراً لتغيير العديد من الأمور، الأمر الذي يجعلك تحلُم بنقطة تحول درامية دون أدنى شعور بالاضطراب، كما يسمح لك بتطوير المرونة العقلية.

الأمل الواقعي

في الوقت الذي تكون فيه قد عزّزت المرونة العقلية لديك، ستحتاج إلى الموازنة ما بين خيالك الإيجابي وخيال "الظل" الذي يشمل أفكارك المرتابة والحاسمة فيما يتعلق بالمستقبل.

حيث أشارت مغونيغال إلى أنه "يمكن للأمل الواقعي أن يحدد المخاطر العالمية المثيرة للقلق والتجهز لمواجهتها. كما يمكن توسيع معرفتنا باستمرار بشأن الأمور التي تُعطينا سبباً للشعور بالحماس والتشوق إلى المستقبل."

كما يُدير معهد المستقبل نادي السيناريوهات الذي يعقد ورشات عمل شهرياً، فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يتناقش المشاركون حول الهجرة بسبب تغير المناخ وممارسة العصف الذهني حول كيفية نقل ملايين الناس بشكلٍ عادلٍ للعيش في مناطق ذات ظروف مناخية آمنة والترحيب بهم في تلك المجتمعات، أو كيفية العيش بشكلٍ واقعي في ظل كثافة سكانية أعلى من الكثافة السكانية المعتادة حالياً.

يمكنك ممارسة ذلك في حياتك الخاصة. حاول أن تُنشئ دردشة جماعية للأصدقاء واقضِ بعض الوقت في أيام الجمعة لإجراء الأبحاث والقراءة عن "إشارات الأمل" التي تعرض الناس الذين يكدُّون من أجل مستقبلٍ أفضل.

فعندما تشارك هذه المعلومات، ستستطيع الانخراط في كيفية تخيل الآخرين لعملية مواجهة بعض القضايا الكبرى في وقتنا الحالي، كما ستتمكن أيضاً من توسيع خيالك الجماعي والتفاؤل.

تقول مغونيغال إن "هناك أشخاص من مختلف أصقاع العالم يعملون بشكلٍ رائع، ويختبرون الأفكار العجيبة، ويعززون الحركات الاجتماعية التي لا تُصدق." كما أضافت "نحتاج أن نعي هذه الأمور لنتمكن من تكوين الخيال الإيجابي ذاك."

الطاقة المستقبلية

تتمثل القطعة الأخيرة من اللغز في تعزيز مشاعر الكفاءة الذاتية، إذ أن الفكرة تتمحور حول قدرتك الشخصية على تغيير وتطوير ظروف حياتك، فالأمر لا يتعلق "بأن تكون بطلاً خارقاً يحمي العالم من شفا الهاوية" كما أوضحت مغونيغال، ولكن يمكن للتفكير في المستقبل أن يساعدك أن تُعد نفسك للتعايش في تلك الظروف عندما يحين الأوان. يمكنك البدء من خلال توجيه سؤال لنفسك لمعرفة إذا ما كنت تستطيع التقدم خطوة، أو تعلم مهارة، أو تجربة شيء جديد يمكن أن يُحضّرك لمستقبلٍ مجهول.

فقد قررت مغونيغال، على سبيل المثال، أن تُطيّر طائرة درون بسبب فائدتها في المواقف الطارئة كمشاركتها في جهود البحث والإنقاذ والكوارث الطبيعية.

يمكن لأي هدف مشابه أن يتحطم إلى أشتاتٍ صغيرة والتي أسمتها مغونيغال الأفعال الصغيرة، إذ قالت "لا ينبغي لك أن تنقذ العالم اليوم." فإذا كنت تملك خمس دقائق، يمكنك أن تجد وتحفظ الإشارات المرجعية للمقال الذي يضم أكثر عشر طائرات درون ميسورة التكلفة.

فكر في الكفاءة الذاتية كما لو كانت ممارسات تأملية، بحيث تعمل على تطوير أفعال صغيرة في كل يوم- أو في بعض الأوقات أسبوعياً- لتحضر نفسك نفسياً وعقلياً. إذ يتمثل المفتاح هنا في تطوير حس المسؤولية.

قالت مغونيغال إن "علينا أن نقضي وقتاً معاً في مواجهة المستقبل، مع توظيف حس الإبداع والشعور بأن الأفعال الإيجابية ممكنة، لأنه إذا ماحدث خلاف ذلك سيكبر الجيل الجديد مع مشاعر الفشل." كما أضافت "لا يهم أي شيء آخر إذا ما استسلم العالم بأجمعه، فنحن لن نتجاوز ذلك إلا إذا تعلمنا كيفية التعامل مع القضايا العميقة."

ترجمة : أ.مادلين مأمون أحمد عفن

تدقيق : أ..ظلال مصطفى صباغ

المصدر: من هنا

عن الكاتب

Zelal Sabbagh

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

For moms and dads