فنجانٌ من الأمل
في صباح يوم من أيام
آب، تلقت كيم جولستاد مكالمة هاتفية كادت أن تحطم قلبها وأن تغير مسار
حياتها. كان مفاد المكالمة تشخيص إصابة والدتها كاثي بسرطان
البنكرياس في مرحلته الأخيرة.
أبلغهم الجراح أن
العديد من مرضى سرطان البنكرياس لا تظهر عليهم الأعراض إلا بعد أن يصل المرض
لمرحلة خطيرة ويتجاوز إمكانية إجراء الجراحة، وأنه لا يمكن اكتشاف السرطان في
المراحل المبكرة عبر التصوير الشعاعي المتوفر حالياً، وأن معدل البقاء على قيد
الحياة لمدة خمس سنوات لا يزال منخفضاً.
تتذكر كيم-وهي مدربة
شخصية ومدربة بيلاتيس وأخصائية تغذية تعمل في مدونة لايف تايم
في مينيتونكا بولاية مينيسوتا- تتذكر قولها لنفسها: "لا، يجب تغيير شيء ما.
ليس من عادتي الجلوس مكتوفة اليدين." وبدأت في التفكير في طرق لرفع الوعي وجمع المال لتكريم والدتها وتمويل البحث العلمي في مجال
علاج السرطان.
فكرت كيم في حملات
جمع التبرعات الخيرية القائمة، لكنها أرادت فعل شيء من شأنه رفع الوعي على مدار
العام، تفلتت منها الأفكار حتى هلَّ كانون الثاني عام 2020، حين لمعت في
رأسها فكرة بيع القهوة والتبرع بعائداتها. كانت والدتها من محبي القهوة وكانت
أيامها حافلة بمواعيد احتساء القهوة واستراحات القهوة حتى أنها كوَّنت صداقات
حميمة كان أساسها فناجين القهوة.
تقول كيم: "فكرت
في المسألة، وبعد ساعة ونصف الساعة بدأت بإرسال واستقبال الرسائل، وهكذا بدأ
الأمر."
وفي غضون بضعة أشهر،
تم إنشاء قهوة كاثي وهي منظمة غير ربحية تتبرع بعائدات بيع أكياس القهوة متوسطة
التحميص سعة 12 أونصة لصالح شبكة مكافحة سرطان البنكرياس. وفي أيار 2020،
حرَّرت كيم أول شيك للشبكة بقيمة ألف دولار.
ميولٌ طبيعية
نشأت كيم وسط عائلة
كبيرة في بلدة صغيرة في شمال مينيسوتا. وعندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، تم
تشخيص والدها بمرض التصلب المتعدد، حيث شكَّل مرض والدها، بالإضافة إلى علاقاتها
المجتمعية الوثيقة، نظرتها للعالم وأدى ذلك في النهاية إلى امتهانها مهنة تدعم صحة
الآخرين ولياقتهم البدنية.
تقول كيم: "أدركت
أنه لا أحد يعتبر قدراتي أمراً مفروغاً منه." وكان هذا الإدراك مصدر إلهامها لممارسة الرياضة
والأيروبيكس وحتى التمرن على أول ماراثون لها، والذي خاضته بعد فترة وجيزة من
إنهائها الدراسة الثانوية.
والأهم من ذلك كله،
أنها رأت أن "هناك شيٌ يمكنني القيام به لإحداث فرق." شاركت كيم في أول مسيرة
لها تابعة لجمعية التصلب المتعدد في كندا وهي في سن الثانية عشرة، ومنذ ذلك الحين
جمعت آلاف الدولارات للجمعية.
ومع مرور الوقت، أدركت كيم أن جهودها تجاوزت نطاق
عائلتها وتجاوزت الإطار الزمني لأي مسيرة رياضية.
تضيف كيم: "في بادئ الأمر، اعتقدت أنه يمكنني جمع
التبرعات لمساعدة والدي، ولكن والدي توفي منذ خمس سنوات، وأدركت أنه لم يكن هو المستفيد
من المساعدة؛ بل جميع الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بمرضه الآن."
لذلك، وعندما تم
تشخيص والدتها بالسرطان، أدركت كيم أنها تريد تغيير المستقبل في هذه المرة.
الإستفادة من المجتمع
خلال 21 عاماً من عملها في نادي مينيتونكا،
أقامت كيم علاقات قوية مع مئات العملاء والزملاء، وتقول: أتنزه يومياً مع أشخاص
أعرف أنهم يقدِّرون ما يمكنني فعله من أجلهم حق تقدير."
تستمتع كيم بوجهٍ خاص
بإقامة علاقات بين الناس، حيث تقول: "لا يمكنك التكهن أبداً بمآل تلك
الصداقات."
عندما شرعت كيم في
رحلة بحثها عن القهوة، اكتشفت مدى قوة شبكة علاقاتها الشخصية، حيث نصحها زميلٌ لها
في العمل بالتحدث إلى مالكة مطعم محلي - وإذ تصادف أنها كانت على معرفة سابقة بها-
نصحتها هي الأخرى بالتوجه إلى محمَصة قهوة محلية لديها باع طويل في صنع قهوة مخصصة
لجمع الأموال من أجل السرطان.
سرعان ما قَوَّت كيم
علاقاتها بجميع الأشخاص الذين يمكن أن تحتاجهم لعمل خلطة القهوة وتحميصها وتصميم
الملصقات وتوزيعها على المقاهي في جميع أنحاء مينيسوتا وسانت پول وبيع القهوة عبر
الإنترنت.
وابتدأت مسيرة الفخر
بعد أشهرٍ من النشاط
المتقطع، أصبحت كيم على استعداد لإخبار والدتها بمشروعها، حيث قامت بإرسال أكياس
القهوة من مينيسوتا وسانت پول إلى والدتها في مسقط رأسها، وأرفقت مع القهوة رسالة
تقول: " أريد أن أفعل شيئاً يحمي العائلات الأخرى من الشعور بالألم الذي
شعرنا به في ذلك اليوم الذي علمنا فيه بمرضك."
قدمت أخت كيم القهوة
لأمهما بينما كانت كيم تعيش معهما هذه اللحظة من خلال مكالمة فيديو. تقول كيم عن
هذه اللحظة: "كنت عاجزة عن الكلام، لكنني رأيت بوضوح نظرات الفخر في عينيّ
أمي."
أحبت كاثي التباهي بقهوتها
أمام معارفها، وكانت كيم ممتنة لوجود موضوع آخر غير مرض والدتها للحديث عنه معها، فمثلاً،
أصبح بإمكانها القول " أمي، سأقوم بشحن القهوة إلى ألاسكا الآن، هل تصدقين أن
الناس في ألاسكا يشربون قهوة كاثي؟ “
توفيت كاثي في تمُّوز الماضي، وبالرغم من أنها لم تستطع إنقاذ حياة والدتها بواسطة جمع التبرعات، إلا أن كيم على ثقة أن جهودها تحدث فرقاً في كل يوم يشارك متابعوها المنشورات ويتواصلون عبر مجموعة الفيسبوك التي أنشأتها، وهكذا تزيد التبرعات.
تختم كيم قصتها قائلة: "تلقيت مؤخراً رسالة من شبكة مكافحة سرطان البنكرياس تفيد بأن تبرعاتنا قد دعمت بالفعل عشر منح بحثية"، وتضيف: "إنه أمرٌ لا يُصدق!".
ترجمة: نسيم النقيب
تدقيق: أ.ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا