آثار طلاق الأبوين في يومنا هذاعلى الشباب
بقلم إلياكيم كيسليف
إنّ الشباب الناشؤون في عائلات عاشت تجربة الطلاق حذرون وواقعيون بشأن الزواج.
يعد الطلاق حدثًا مصيريًا، ففي بعض الحالات، يكون الأمر محطمًا، وبالكاد يتمكن أفراد الأسرة من التعافي، ومع ذلك لا تزال هناك تساؤلات حول تأثير الطلاق على الأطفال.
وفي الواقع أفادت المراجعات الأدبية بتقارير غير متسقة النتائج حول آثار طلاق الأبوين الراهن على سلوكيات المراهقين. وعلاوة على ذلك، فقد ركز أغلبهم على الأطفال دون سن المراهقة. فقط ركزت بعض تلك الدراسات على الشباب ممن هم في أواخر مرحلة المراهقة ومستهل العشرينيات من
العمر.
لهذا السبب، اعتزمت إحدى الدراسات مبدئيًا على طرح التساؤلات الآتية:
•ما الذي يعنيه الزواج والطلاق لشباب اليوم
•ما هي التأثيرات المحتملة على نواياهم المستقبلية فيما يخص الزواج، وما هي وجهات نظرهم؟
وللتوصل إلى وجهات نظر الشباب من منظورهم، تم إعتماد منهجٍ نوعي بدلاً مما حدده الباحثون، ففي المقابلة كان هناك عشر إناث وعشرة ذكور من الطلاب الجامعيين تتراوح أعمارهم ما بين الثامنة عشر والرابعة والعشرين، نصف المجموعة من كلا الجنسين قد إنفصل آباؤهم بعد تجاوزهم سن الرابعة عشر، بينما النصف الآخر من أسر سليمة.
إن الجانب الأول الذي اختبرته الدراسة هو آراؤهم عن الزواج باعتباره فكرة مجردة وأكثر عمومية من الواقع اليومي. و لا يَعتبر المستجوَّبون الزواج رمزًا للحب فقط ولكنه أيضًا رمزًا للالتزام العام. وبصورة مماثلة، فقد وضعوا بعين الاعتبار تبعات الزواج على المستويين الفردي والمجتمعي ووجدوا أنّ الزواج هام على كلا المستويين.
أمّا فيما يتعلق بواقع الزواج، فقد تنوعت أقوالهم. فمن جانب، يرحب البعض بأكثر الأدوار مرونة في الزواج. كما يعتقد أن تكون المرأة: "أقل استعدادًا لقبول مواقف معينة نسبةً لما كانت عليه في السابق، على سبيل المثال، إذا تعرضت لعنف منزلي".
وعلى صعيد آخر، ينتقدون "رخص" الزواج الحالي، وكما أشارت امرأة من عائلة منفصلة قائلة: "إنهم يحبون بريقه، تقصد (الزواج) إلا أنّه سطحي جدًا… أرى أنّ الناس قد فقدوا تصورهم لماهية الزواج".
يمكن كذلك العثور على مثل تلك العبارات المتناقضة في آراء المستجوَّبين بشأن الطلاق، حيث يُنظر إليه على أنه "شرٌ لابد منه". وعند الحديث عن تأثير طلاق آبائهم، تم تمثيل عدد من الصور: فبالرغم من أن الطلاق له دور طفيف لإحداث تغيير نحو الأفضل، ولكن ذلك لا يعني أنّه لاتوجد أية مشكلة.
على سبيل المثال، لقد شعر البعض بأنّهم أُجبروا على الانخراط في قضايا آبائهم كما ائتمنهم كلا الجانبين على أسرارهم:
لقد حاولت قضاء الكثير من الوقت برفقه كليهما ومعاملتهما بطريقة مماثلة وعدم القيام بأمور للتخلص منهما، ولكن الأمر حقًا لا يبدو طبيعيًا، إنّه غير مقبول.
ومع ذلك يمكن لهؤلاء الشباب تطوير بعض استراتيجيات التكيف على نقيض الأطفال الأصغر سنًا، سواء أكان الأمر يتعلق بإبعاد أنفسهم عنه والتركيز بحيوية على أهدافهم الشخصية أو الانخراط في مناقشات عميقة والتعاطف مع الوالدين، مما يجعلهم أكثر مرونة. لقد حاولوا بناء منظور أكثر موضوعية. كما قال أحدهم في المقابلة،
…بطريقةٍ ما انتفعت من الأمر، فقد ساهم في تعزيز ثقتي بنفسي واستقلاليتي، لا أشعر بأنّ الأمر بتلك الصعوبة لأكون صادقًا.
أظهر المستجوَّبون ممن عاشت عائلاتهم تجربة الطلاق حذرًا واضحًا من عدم تكرار أخطاء آبائهم، و يبدو أنّ تجارب الآباء هي عامل مؤثر في النية المستقبلية للزواج، ولكنها ليست العامل الوحيد. كما تلعب تجاربهم الخاصة في العلاقات وعلاقات الأقران دورًا في ذلك، و كذلك تظهر أحيانًا القضايا المعلقة الخاصة بالطلاق أكثر من أي شيء آخر:
لقد علمت أمورًا إيجابية عن نفسي (من علاقة انتهت)… لكن… قضية الطلاق هي أكبر أزمة بالنسبة لي… لأنني أجد صعوبة في تخطي الوضع، ليس تخطي أزمة الطلاق في حد ذاتها ولكن تخطي حقيقة أن والدي لا يقلق بشأني… إنّه أمر صعب… لم أشعر بالحب مطلقًا.
وبالفعل
تشير هذه الدراسة إلى أن الشباب من العائلات المطلقة يكونون أكثر حذرًا وواقعية
بشأن الزواج. ومع ذلك فهم غير مستعدين لرفضه، إنّهم يُقدِّرون تجربة الزواج كفاية
و يتجنبون الأخطاء التي تكلف ثمنًا كبيرًا. وقد نجحت الدراسة في تقديم ملاحظة
جديدة عن تفكير الشباب حول الزواج على الرغم من محدودية العينات وشموليتها.
ترجمة : حبيبة عبد النبي
تدقيق: ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا