ما هي الذاكرة؟
كيف تساعدنا الذكريات؟
ما هي الذاكرة؟
بقلم كندرا شيري
يشير مصطلح الذاكرة إلى العمليات التي يتم فيها اكتساب
المعلومات و تخزينها و حفظها و استدعاؤها لاحقا، وذلك من خلال ثلاث عمليات رئيسية
وهي: الترميز- التخزين- الاسترجاع.
و رغم أنّ الذاكرة البشرية لديها القدرة على حفظ
واسترجاع المعلومات، إلا أنّ هذه العملية ليست مثالية فأحيانا ينسى أو يتذكر الشخص الأشياء بشكل خاطئ، وفي بعض الأحيان لا يتم ترميز المعلومات
بشكل صحيح في الذاكرة من المرة الاولى.
يعتبر نسيان أيام الميلاد من مشاكل الذاكرة المزعجة نسبيًا،
لكن يمكن أن يكون دليل على حالات أخري مثل مرض الزهايمر أو حالات من الخرف، فتؤثر
هذه الحالات على جودة الحياة و القدرة على العمل.
يناقش هذا المقال كيف تتشكل الذكريات، و لماذا تُنسى
أحيانا؟ ويقدم أيضًا أنواع الذاكرة المختلفة و الخطوات التي يمكنك اتباعها لتعزيز
وحماية ذاكرتك.
كيف تتكون الذكريات؟
يجب أن تتحول المعلومات إلى صيغة صالحة للاستخدام من أجل
تكوين ذاكرة جديدة، ويحدث ذلك خلال عملية تسمي بالترميز، فعند ترميز المعلومات
بنجاح يتم تخزينها في الذاكرة للاستخدام لاحقًا.
اعتقد الباحثون لفترة طويلة أنّ الذكريات تتكون بسبب التغيرات
التي تحدث في الخلايا العصبية للمخ، لكن ندرك اليوم أنّ الذكريات تتكون خلال
الروابط الموجودة بين هذه الخلايا العصبية أو من خلال تقوية تلك الروابط أو عن
طريق نمو روابط جديدة.
ترتبط التغيرات التي تحدث في الروابط بين الخلايا
العصبية (تسمى بالتشابك العصبي) بالقدرة على تعلم وحفظ المعلومات الجديدة فيساعد
تقوية هذه الروابط علي نقل المعلومات إلى الذاكرة، لذلك مراجعة المعلومات و التدرب
عليها يعزز القدرة على تذكرها.
تقوى الروابط
بين الخلايا العصبية التي تُخزن الذكريات بالممارسة.
تقع العديد من الذكريات المخزنة خارج إدراكنا إلا عندما
نحتاج لاستخدامها وتسمح لنا عملية استرجاع الذكريات بإستعادة الذكريات المخزنة إلى
لا منطقة الوعي.
ما هي مدة استمرار الذكريات؟
لا يمكنك معرفة ماهية الذاكرة بدون الحديث عن المدة التي
تستمر بها الذكريات، فبعض الذكريات قصيرة جدًا، تدوم لعدة ثوان و تسمح بتلقي
المعلومات الحسية عن العالم من حولنا.
أما الذكريات قصيرة الأمد، تدوم لفترة أطول بقليل وتستمر
حوالي 20 إلى 30 ثانية.
تتكون معظم هذه الذكريات من المعلومات التي يركز عليها
ويفكر فيها الشخص في وقته الآني، ويمكن أن تدوم بعض الذكريات لأيام، أسابيع، شهور،
أو ربما عقود.
تقع معظم الذكريات طويلة الأمد خارج الوعي الحدسي
(المباشر) لكن يمكن استعادتها لمنطقة الوعي عند الحاجة لها.
لماذا نتذكر الذكريات المؤلمة؟
هل لاحظت أن الذكريات المؤلمة تستمر لفترات
طويلة من الزمن في كثير من الأحيان؟
تقترح الأبحاث أنّ سبب ذلك يرجع إلى زيادة التحفيز الحيوي
أثناء المرور بخبرة سلبية والتي تزيد من عُمر هذه الذكرى.
استخدام الذاكرة
أولا يجب استعادة المعلومات التي تم ترميزها في الذاكرة
من أجل استخدامها، تؤثر العديد من العوامل على هذه العملية و يتمثل ذلك في نوع
المعلومات و إشارات الاسترجاع المستخدمة.
هذه العملية ليست مثالية دائمًا، هل شعرت يومًا بعدم
القدرة على تذكر الاجابة التي تعرفها لسؤال ما؟
هذا مثال على مشكلة استرجاع المعلومات المشوشة و التي
تُعرف باسم (ليثولوجيكا) أو ظاهرة ( على طرف لساني).
تنظيم الذاكرة
تسمح لنا القدرة على الوصول للمعلومات و استراجاعها من
الذاكرة طويلة المدى باتخاذ القرارت و التفاعل مع الآخرين و حل المشكلات، لكن يجب
أن يتم تنظيم هذه المعلومات بطريقة ما من أجل استعادتها.
يعتبر نموذج الشبكة الدلالية إحدى طرق تنظيم الذاكرة،
فيقترح هذا النموذج أن التفكير في محفز معين ( شئ محدد) ينشط الذكريات المرتبطة به،
فرؤية أو تذكر مكان معين تنشط الذكريات التي حدثت في هذا المكان.
علي سبيل المثال: التفكير في مبني الحرم الجامعي قد ينشط
ذكريات حضور الفصول الدراسية، الدراسة، وتكوين صداقات مع الأقران.
و يمكن أيضًا لمثير معين
أن يعمل كمحفّز قوي لجلب الذكريات لمنطقة الوعي، مثال علي ذلك: الرائحة، كشم رائحة
معينة مثل عطر أو بسكويت طازج، يمكن أن تُعيد فيض من الذكريات المرتبطة بماض الشخص
من أحداث و أشخاص.
لتحديد رائحة ما يجب أن
يتذكر الشخص متى شم هذه الرائحة من قبل ثم يربطها بالمعلومات المرئية التي رأها في
نفس الوقت، لذلك عندما ترتبط مناطق الدماغ بالذكريات التالفة و تصبح غير قادرة على
تحديد الروائح.
وفي الوقت ذاته وجد الباحثون
أن الرائحة تساعد في تنشيط الذكريات المرتبطة بالسيرة الذاتية للأشخاص المصابين
بمرض الزهايمر، وهذا يؤكد مدى قوة الذاكرة.
أنواع الذاكرة
رغم أنه تم اقتراح
العديد من النماذج المختلفة للذاكرة إلا أن نموذج مراحل الذاكرة الذي اقترحه لأول مرة في عام 1968م ريتشارد أتكنسن و
ريتشارد شيفوري يتم استخدامه لتوضيح البنية الأساسية للذاكرة ووظيفتها، وتوضح هذه
النظرية ثلاث مراحل منفصلة للذاكرة أو أنواعها وهي: الذاكرة الحسية- الذاكرة قصيرة
المدى-الذاكرة طويلة المدى.
الذاكرة الحسية
تعتبر الذاكرة الحسية هي
المرحلة الأولى للذاكرة، في هذه المرحلة يتم تخزين المعلومات الحسية من البيئة
لفترة قصيرة جدًا من الزمن أو بما لايزيد عن نصف ثانية للمعلومات المرئية و ثلاث
أو أربعة ثواني للمعلومات السمعية.
ينتبه الشخص لجوانب
محددة فقط من الذاكرة الحسية فيسمح الانتباه في الذاكرة الحسية بنقل بعض المعلومات
إلى المرحلة التالية: الذاكرة قصيرة المدى.
الذاكرة قصيرة المدى
تعرف الذاكرة قصيرة المدى
بالذاكرة النشطة أيضًا، و تحتوي علي المعلومات التي ندركها و نفكر فيها آنيًا.
و يطلق فرويد عالم النفس
: على هذه الذاكرة العقل الواعي، فيؤدي الانتباه في الذاكرة الحسية الي تكوين
معلومات في الذاكرة قصيرة المدى.
و رغم أنّ العديد من
المعلومات الموجودة في الذاكرة قصيرة المدى يتم نسيانها، إلا أن الانتباه لهذه
المعلومات يسمح بالاستمرار للمرحلة القادمة: الذاكرة طويلة المدى.
يستمر تخزين بعض
المعلومات في الذاكرة النشطة لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 ثانية تقريبًا و يمكن
زيادة هذه المدة قليلا من خلال استخدام استيراتيجيات الذاكرة كالتقسيم ويتم فيه
تجميع المعلومات المترابطة إلى أقسام صغيرة.
يستخدم مصطلح الذاكرة
قصيرة المدى بالتبادل مع مصطلح الذاكرة العاملة التي تشير إلى العمليات التي يتم
فيها التخزين المؤقت والتنظيم ومعالجة المعلومات.
نشر عالم النفس جورج
ميلرنظرية في جريدة مشهورة عام 1956م اقترح فيها أنّ قدرة الذاكرة قصيرة المدى على
تخزين قائمة من المواد تتراوح ما بين 5 إلى 9 ثواني، و يعتقد بعض الباحثين الآن
أنه من المحتمل أنّ تكون القدرة الحقيقية للذاكرة قصيرة المدى حوالي 4 ثواني.
الذاكرة طويلة المدى
يشير مصطلح الذاكرة
طويلة المدى إلى التخزين المستمر للمعلومات و يطلق عالم النفس فرويد على الذاكرة
طويلة المدى إسم الوعي المسبق و اللاوعي، و تعتبر هذه المعلومات خارج منطقة إدراكنا،
لكن يمكن أن تستدعى إلى الذاكرة العاملة ليتم استخدامها عند الحاجة لها.
تصبح بعض الذكريات سهلة
التذكر بينما يصعب الوصول إلى بعضها الآخر.
ملخص
اقترح أحد النماذج أنه
يوجد ثلاثة أنواع رئيسية للذاكرة وهي: الذاكرة الحسية ، الذاكرة قصيرة المدى،
الذاكرة طويلة المدى وتعتبر مدة تخزين المعلومات للذاكرة الحسية قصيرة جدا، بينما
الذاكرة قصيرة المدى أطول بقليل، والذاكرة طويلة المدى يمكن أن تستمر مدى الحياة.
لماذا ننسى؟
النسيان هو حالة شائعة
تحدث بشكل مفاجئ، فيمكن أن ننسى بسهولة اسم شخص ما أو أن نغفل عن موعد مهم.
لماذا ينسى الانسان ما تعلمه
في السابق؟
يوجد أربعة توضيحات
أساسية لحدوث النسيان:
الفشل في تخزين
المعلومات.
تداخل المعلومات.
النسيان المحفز (الكبت).
فشل الاسترجاع.
أوضحت الأبحاث أن الوقت
أحد العوامل الحاسمة التي تؤثر على فشل الذاكرة.
في حال لم يراجع الشخص المعلومات أو يتدرب عليها، فغالبا ما
تُنسي هذه المعلومات بشكل سريع. فأحيانا تتلاشي المعلومات من الذاكرة بسهولة وفي
حالات أخرى إن لم يتم تخزينها بشكل صحيح في المكان الصحيح، كما يؤدي تنافس
الذكريات مع بعضها البعض إلى صعوبة تذكر معلومات محددة، وفي حالات أخرى يحاول
الشخص جاهدا نسيان ما يريد ألا يتذكره.
كيف تعزز الذاكرة؟
لا يهم مقدار جودة
ذاكرتك، فهناك خطوات قليلة يمكنك اتباعها لتُحسن ذاكرتك.
استراتيجيات مفيدة
للتعامل مع فقدان الذاكرة المتوسط وتتضمن الآتي:
تدوين المعلومات:
تساعد الكتابة باستخدام
الورقة و القلم على تثبيت الذكريات في الدماغ و يمكن أن تُستخدم كمذكرة أو مرجع
لاحقًا.
ربط المعلومات بمعناها:
يمكنك تذكر معلومة ما
بسهولة إذا ربطت هذه المعلومة بمعناها.
على سبيل المثال: إذا
ربطت بين شخص تعرفت عليه حديثًا و شخص تعرفه بالفعل، ربما تصبح قادر على تذكر
أسماؤهم بشكل أفضل.
التكرار:
يساعد التكرار على ترميز
المعلومات إلى ما بعد الذاكرة قصيرة المدى.
التجميع:
تصبح المعلومات التي يتم
تصنيفها سهلة التذكر و الاسترجاع.
اختبر نفسك:
ربما يبدو أنّ دراسة
المعلومات و التدرب عليها أفضل طريقة للتأكد من أنك ستتذكرها، وجد الباحثون أنّ
اختبار المعلومات هو أفضل الطرق لتحسين عملية استرجاعها.
التصور العقلي:
يمكن أن يساعدك محاولة
القيام بكتابة ملاحظة ذهنية على تذكر الأشياء التي غالبًا ما تنساها( مثل أين تضع
مفتاح سيارتك؟).
الاستراحة الكافية:
أظهرت الأبحاث أنّ النوم
له دور حاسم في تعلم و تكوين الذكريات الجديدة.
استخدام أساليب الحفظ:
تساعد مراجعة المعلومات
و استخدام مساعد للذاكرة، و استراتيجيات الحفظ الأخرى على تجنب مشاكل الذاكرة البسيطة.
ملخص
يمكنك تجنب المناطق
الفارغة في ذاكرتك وتدريب الدماغ علي العمل بطرق جديدة من خلال استخدام
استراتيجيات تعزيز الذاكرة المفيدة للاسترجاع والحفظ وكيفية استخدام هذه
الاستراتيجيات بفاعلية.
كيف تحمي ذاكرتك؟
رغم أن مرض الزهايمر و
مشاكل الذاكرة المرتبطة بالسن تؤثر على العديد من كبار السن، إلا أنّ فقدان
الذاكرة بعد سن الرشد ليس أمرا محتوم.
تميل بعض القدرات
المعرفية للانحدار مع التقدم في العمر، لكن وجد الباحثون أنّ الأفراد في عمر
السبعين يقدمون نفس أداء الشخص في عمر العشرين في الاختبارات المعرفية، و عندما
يصل الانسان إلى عمر الثمانين يعاني من بعض الانحدار في الوظائف المعرفية، لكن
هناك بعض أنواع الذاكرة التي تقوى مع التقدم في العمر، و من الشائع أن يعاني شخص
يقترب من عمر الثمانين من بعض الانحدار في الوظائف المعرفية.
جرب بعض هذه
الاستراتيجيات لحماية عقلك عند التقدم في العمر:
تجنب الضغط العصبي:
وجدت الأبحاث أنّ الضغط
العصبي له تأثيرات ضارة علي مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة، ويشمل ذلك المخيخ.
تجنب تناول المخدرات، الكحول، والسموم العصبية الأخرى:
يرتبط تناول وتعاطي
المخدرات المفرط، والتعرض للمواد الكميائية الخطيرة مثل المعادن الثقيلة و
المبيدات الحشرية بتلف التشابك العصبي
( الروابط بين الخلايا العصبية) وله آثار ضارة على الدماغ.
التمارين الكافية:
النشاط الجسدي المنتظم
يساعد على تحسين نسبة الاكسجين في الدماغ الذي له دور حيوي في تكوين و نمو التشابك
العصبي.
تحفيز الدماغ:
إذا تحدثنا عن الذاكرة
فإنّ هذا المثل يعبر عن حقائق عديدة (
استخدمه أو اخسره) فقد وجد الباحثون أنّ الاشخاص الذين لديهم وظائف محفزة عقليًا
أقل عرضة للخرف.
الحفاظ على الشعور بالكفاءة الذاتية:
الحفاظ علي قدرات الذاكرة عند الشيخوخة مرتبطة بالشعور القوي بالكفاءة الذاتية.. فتدل الكفاءة الذاتية علي شعور الانسان بسيطرته علي حياته و قدره و يرتبط أيضًا الشعور القوي بالكفاءة الذاتية بمستويات الضغط العصبي المنخفض
ترجمة: فاطمة السيد
تدقيق مراجعة: ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا