عوامل الخطر وعلامات التحذير بالانتحار
بقلم نانسي شيملبفينينغ
إذا كانَ شخصٌ ما تحبهُ مصاباً بالاكتئابِ ، فهنالكَ خطرٌ بالغٌ منْ كونهِ في مرحلةٍ ما ستراودهُ فكرة الانتحارِ، على الرغمِ منْ تباينِ نتائجِ الإحصائياتِ ، إلا أنَ تقاريرَ وزارةَ الصحةِ والخدماتِ الإنسانيةِ الأمريكيةِ تشيرُ إلى أنّ نحوَ 2 % منَ الحالاتِ التي تلقتْ علاجاً خارجياً للاكتئابِ يفضي بها الأمرُ إلى الانتحارِ، عدا أنّ الاكتئابَ لا يعدُ عاملَ الخطرِ الوحيدِ المؤدي للانتحارِ، كما يمثلُ الانتحارُ نحوَ 1.5 % منْ إجماليِ عددِ الوفياتِ في شتى أنحاءِ العالمِ ، فيمكنُ للحالاتِ النفسيةِ الأخرى ، بما في ذلكَ اضطراباتُ تعاطي المخدراتِ واضطراباتِ القلقِ والذهانِ أنْ تكونَ عواملُ مؤديةٌ للانتحارِ، في حينِ أنّ هنالكَ علاقةً وطيدةً بينَ الصحةِ العقليةِ والانتحارِ والخطرِ فادحٍ، فمنَ المهمِ أنْ نتذكرَ أنّ غالبيةَ منْ يعانونَ منْ اضطراباتِ الصحةِ العقليةِ لا يقدمونَ على الانتحارِ أوْ يتممونهُ، وفي واقعِ الحالِ أفادتْ مراكزُ السيطرةِ على الأمراضِ والوقايةِ منها بأنَ 54 % ممنْ يموتونَ منتحرينَ لمْ يعانوا منْ حالةٍ معروفةٍ لاضطرابِ الصحةِ العقليةِ، ووفقاً لمركزِ مواردِ منعِ الانتحارِ، فإنَ الطريقةَ الفضلى لمنعهِ هيَ التحققُ منْ درايتكَ بعواملِ الخطرِ وعلاماتِ التحذيربالانتحارْ .
عوامل خطر الانتحار
يمكنَ لعواملِ الخطرِ أنْ تشتملَ على كلٍ منْ المواقفِ التي يتعرضُ لها المرءُ وماهيةُ شعورهِ المضمرِ، على الرغمِ منْ أنّهُ قدْ يكونُ منْ الأيسرِ التعرفِ على المواقفِ والأوقاتِ التي يكونُ الانتحارُ فيها أكثرُ شيوعا، إلا أنَ إدراكَ ما يضمرهُ المرءُ منْ مشاعرَ يتطلبُ المزيدَ منْ التمحيص
المواقف الحياتية
ترتبط بعض الحالات والمواقف بإزدياد إحتمالية خطر الانتحار، يتضمن ذلك:
· وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء أو إصابته بمرض ميؤوس من علاجه.
· الطلاق أو الانفصال أو إنهاء علاقة.
· ضياع الصحة (حقيقي أو متخيل).
· فقدان الوظيفة أو المنزل أو المال أو المكانة أو تقدير الذات أو الأمن الشخصي.
· تعاطي المخدرات أو الكحوليات.
· الاكتئاب.
· علاوة على ذلك توجد أوقات معينة قد يكون فيها المرء أكثر عرضة للمشاعر الانتحارية، مثل:
· الأعياد والذكريات السنوية.
· الأسبوع التالي للانصراف من المشفى.
· عند بدء العلاج بمضادات الاكتئاب للمرة الأولى.
· قبل وبعد التشخيص بمرضٍ خطير (على سبيل المثال أن يكون خطر الانتحار لدى مرضى السرطان أعلى بعد التشخيص بفترة وجيزة وليس بعد تفشي السرطان أو تقدمه(
· أثناء تطبيق الإجراءات التأديبية وقبلها تماما.
التغيرات العاطفية والسلوكية
من الناحية العاطفية، قد يشعر الشخص الانتحاري بما يلي:
· ألم مبالغ فيه.
· اليأس.
· العجز
· الدونية أو الخزي أو الذنب أو مقت الذات.
· الخوف من فقدان السيطرة وإيذاء النفس أو الغير.
· من الناحية السلوكية، يمكن له أن:
· يبدو حزينًا أو منعزلاً أو متعبًا أو لا مباليًا أو قلقًا أو حاد المزاج أو عرضة لنوبات الغضب.
· لا يبلي حسنًا في المدرسة أو العمل أو الأنشطة الأخرى.
· يكون منعزلاً اجتماعيًا أو يقع مع "الرفقاء السوء".
· تدنِ الاهتمام بالعلاقة الزوجية أو الأصدقاء أو الأنشطة التي كان يستمتع بها مسبقًا.
· يهمل الرفاهية الشخصية أو يهمل مظهره.
· يعاني من تقلب في عادات الطعام أو النوم.
أنواع عوامل خطر الانتحار
هناك نوعان مختلفان من عوامل خطر الانتحار: عوامل الخطر القريبة وعوامل الخطر البعيدة.
إنّ عوامل الخطر القريبة هي دلالات فورية تشير إلى حدوث محاولة انتحار مثل الأفكار الانتحارية الحديثة ومشاعر اليأس وأحداث الحياة المرهقة الأخيرة وحيازة أسلحة نارية والإلمام بطريقة موت شخصٍ آخر منتحرًا.
أما العوامل البعيدة فهي إشكاليات أو أحداث ثانوية والتي يمكن أن تعزز من خطر الانتحار مثل الحالات النفسية المرضية والتاريخ العائلي للانتحار وتاريخ محاولات الانتحار السابقة.
علاماتٌ تنذر بالانتحار
تشمل العلامات التي تنذر بالانتحار والتي ينبغي أن تكون على دراية بها، ما يلي:
· الاكتئاب.
· محاولات انتحار سابقة.
· الانشغال بالموت.
· عباراتٌ مثل "ستكون بحالة أفضل بدوني" أو أتمنى لو كنت ميتًا".
· التحدث بوضوح عن العزم على قتل النفس.
· وضع خطة انتحار وتجهيز وسائل لتنفيذها وسلوك "تجربة الأداء" أو تحديد وقت للمحاولة.
· كتابة وصية أو التنازل عن الممتلكات الشخصية المفضلة.
· قول "الوداع" في غير موضعها
· الإدلاء بعبارات غامضة مثل "لن تقلق عليَّ بعد الآن" أو "أتمنى أن أخلد للنوم وألا استيقظ بعدها" أو "لا يمكنني تحمل الأمر أكثر من ذلك".
· التحول المفاجئ من حالة اكتئاب شديدة إلى حالة سعادة أو هدوء شديدتين دون سبب واضح.
في حال تبيّنت علامات التحذير تلك
إذا لاحظتَ أنَ أيا منْ هذهِ العلاماتِ التحذيريةِ باديةً على شخصٍ عزيزٍ عليكَ ، فقمْ بتشجيعهِ على طلبِ المساعدةِ منْ إخصائيِ الصحةِ العقليةِ ، فإن أبى فكنْ مثابرا، وإذا بدىْ أنهُ معَّرضٌ لخطرٍ راهن بإيذاءِ نفسهِ، فلا تتركهُ بمفردهِ وقمْ بإزالةِ أيَ وسيلةٍ تمكنهِ منْ إيذاءِ نفسهِ وقمْ بنقلهِ إلى غرفةِ الطوارئِ في أقربِ وقتٍ ممكنٍ .
خطة السلامة
على الرغمِ منْ أنَ الأفكارَ الانتحاريةَ ليستْ مقتصرةً على الاكتئابِ ، إلا أنّها شائعةٌ بينَ الأشخاصِ المصابينَ بهِ ، فإذا كنتَ تعاني منْ الاكتئابِ ولكنكَ لا تشعرُ برغبةٍ في الانتحارِ ، فإنَ بعضَ الأشخاصِ يرونَ أنهُ سيكونُ منْ المفيدِ وضعُ خطةِ طوارئَ لاحتماليةِ شعوركَ بالرغبةِ في الانتحارِ مستقبلاً .
منع الانتحار
إذا كنتَ لا تعلمُ ما إذا كانَ عليكَ القلقُ بشأنِ شخصٍ عزيزٍ عليكَ ولستَ مستعدا لنقلهِ إلى غرفةِ الطوارئِ أوْ الاتصالِ بالخطِ الساخنِ للانتحارِ، فإليكَ بعض الأشياءِ التي يمكنكَ القيامُ بها .
كن متيقظًا
اطلع على عواملِ الخطرِ وعلاماتِ التحذيرِ، وكنَ قلقاً خاصةً إن أبدى شخصٌ تحبهُ العديدُ منْ العلاماتِ التي تنذرُ بالانتحارِ و قمْ بتشجيعِ الشخصِ المصابِ بالاكتئابِ على طلبِ المساعدةِ وعاونهُ على تحديدِ مواردِ العلاجِ مثلَ الطبيبِ أوْ المعالجِ أوْ الخطِ الساخنِ للانتحارِ.
تواصل
لا تحقرُ منْ مشاعرهِ حتى إن كانَ الموقفُ يبدو لكَ وكأنهُ قابلٌ للإصلاحِ ببساطةٍ، فلا يتعينُ أنْ يكونَ الشخصُ المحببُ لكَ يراهُ بذاتِ الطريقةِ، سله عنْ الأفكارِ الانتحاريةِ فإنَ العديدَ منْ الأشخاصِ يخشونَ منْ أنَ طرحُ فكرةِ الانتحارِ قدْ يعززُ منْ احتماليةِ حدوثهِ وهذا ببساطةِ غيرُ صائبٍ .
إظهار الدعم
عبر عنْ حبكَ حتى لوْ شعرت بأنَ حبكَ لا بدّ أنْ يكونَ واضحاً منْ أفعالكَ، فإنَ الكثيرينَ يتوقونَ للتعبيرِعنْ هذا الحبِ بواسطةِ الكلماتِ ويشعرهمْ ذلكَ بالدعمِ والقبولِ .
شارك مشاعرك مع شخص آخر
قدْ يطلبُ منكَ الشخصُ المحببُ لكَ الاحتفاظُ بما يقصهُ عليكَ لنفسكَ وعدمِ إفشائهِ لأيِ شخصٍ، لكنْ عندما يتعلقُ الأمرُ بالعلاماتِ التي تنذرُ بالانتحارِ، فإنَ هذا الطلبِ ليسَ فقطْ غيرَ منصفٍ لكَ، لكنْ قدْ يكونُ منْ مصلحتهِ إشراكُ الآخرينَ إن لزمَ الأمرُ . استعمل أفضلَ أحكامكَ ، واجعلْ صحتهُ وسلامتهُ على قمةِ أولوياتكَ.
ملاحظة حول علامات التحذير
في حينِ أنَ معظمَ الأشخاصِ الذينَ يحاولونَ الانتحارَ يُظهرونَ نوعا منْ العلاماتِ التحذيريةِ إلا أنّهُ يوجدُ منْ سيخفونَ ما يشعرونَ بهِ بنجاحِ بسببِ وصمةِ العارِ الاجتماعيةِ أوْ الرغبةِ في عدمِ الظهورِ بمظهرٍ ضعيفٍ، فإن أخفقت في إدراكٍ أنَ منْ تحبُ يفكرُ في الانتحارِ أوْ فكرِ فيهِ، فلا تلم نفسكَ وتذكر أنكَ بذلتْ قصارى جهدكَ بالمعلوماتِ التي كانت في حوزتك.
ترجمة: حبيبة عبد النبي
تدقيق ومراجعة: ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا