علامات التّوحد في مرحلة الطفولة المبكرة
بقلم
:سارة فانيوسكريك
يركز الآباء على تزويد أطفالهم بالاحتياجات الأساسية مثل الطعام، النوم، العناية، المتابعة، والحب
والقيام بهذه المهام على أكمل وجه، علماً أنّه من المهم أيضاً الانتباه
إلى سلوك الطفل كالمهارات الاجتماعية، ومهارات التواصل، فأية فوارق يظهرها الطفل
في هذه المهارات قد تكون من علامات التوحد. وعادةً تتطور هذه المهارات مع مرور الوقت،
و يتم القيام بفحص التوحد (ويطلق عليه أيضاً اضطراب طيف التوحد) للأطفال عند عمر
18 شهر أو 24 شهر، لكن يمكن ملاحظة علامات اضطراب طيف التوحد قبل ذلك العمر.
ويساعد التشخيص المبكر
في حصولهم على الدعم، الخدمات، أو العلاج لتنمية مهاراتهم، وتساعد معرفة علامات
التوحد بمرحلة الطفولة المبكرة في تحديد ما إذا كان طفلك مصاب بالتوحد أو أيّة
حالة أخرى، لذلك قم بزيارة طبيب الأطفال إذا لاحظت علامات أو اشتبهت بإصابة طفلك
بالتوحد، و لكل طفل معدل نمو خاص به، لذلك لا يدل معدل النمو البطئ لمهارات الطفل
على أنّه مصاب بالتوحد.
ما هو التوحد؟
اضطراب طيف التوحد هو
إعاقة عصبية نمائية مستمرة مدى الحياة، وله العديد من الأعراض، و يشمل اضطراب طيف
التوحد على صعوبات في مهارات التواصل، المهارات الاجتماعية، التنظيم الذاتي، الاهتمام المحدود، السلوك التكراري. ويتضمن اضطراب طيف التوحد اضطرابات متنوعة ويتم تصنيفها
بحالات أخرى مثل الاضطراب التوحدي، و متلازمة اسبرجر. ولذلك تندرج العديد من
الأعراض تحت مسمى اضطراب طيف التوحد، و تختلف شدة الأعراض و تنوعها والحاجة للدعم
باختلاف الأفراد المصابون بالتوحد، فكل طفل يعاني من التوحد يتميز عن غيره و يحتاج
إلى مستويات و أنواع مختلفة من الدعم.
يؤكد الباحثون أن اضطراب
طيف التوحد يحدث نتيجة عوامل جينية و غير جينية، وهو ليس مرض بل حالة يولد بها
الشخص أو تحدث له في سن مبكرة بسبب تغيرات بسيطة في عملية نمو المخ، ويعاني 1% إلى
2% من الأشخاص من اضطراب طيف التوحد.
يقول "آنيجال
آنجلو، حاصل على دكتوراه في الطب، طبيب معالج بمستشفى كلورادو للأطفال، و أستاذ
مساعد بطب الأطفال بجامعة كلورادو": رغم عدم وجود علاج للتوحد، إلا أن التدخل
المبكر والعلاج قد يُحدث تقدماً كبيرا، مُضيفاً:" أتمنى أن يثق الآباء في
حدسهم لمعرفة إذا كان طفلهم مصاب بالتوحد"، ويفيد التحدث مع طبيب الأطفال
الخاص بك عن العلامات التي تلاحظها لتحديد إذا كان الطفل مصاب بالتوحد أم لا.
ما هي أعراض التوحد عند الطفل الرضيع؟
يقول" دكتور آنجلو": يصعب تشخيص التوحد عند الرُّضع، فعادة لا تظهر الأعراض حتي يصبح الأطفال أكبر سناً، ورغم ذلك قد يكون عدم ابتسام الطفل عند 6 أشهر علامة على اضطراب طيف التوحد، بالإضافة إلى ملاحظة بعض مقدمى الرعاية صعوبة لعب أطفالهم- الذين يتم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد- لعبة اختلاس النظر مثلاً، وأحيانا يلاحظ الآباء عدم إجراء طفلهم للمحادثات(المناغاة و إصدار الأصوات) أو عدم الرد عند سماع أسمائهم عند اقتراب موعد عيد ميلادهم الأول، ويوضِّح "دكتور آنجلو": رغم ظهور علامات اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة، لكنّ قد يغفل الآباء و مقدمي الرعاية عن ملاحظة العلامات المبكرة لكونها فوارق دقيقة.
علامات التوحد للطفل
الرضيع:
لا يبتسم الطفل حتى عمر
6 أشهر.
لا يقوم بإصدار أي
أصوات، أو القيام بأي إشارات، أو استخدام أي إيماءات حتى عمر 12 شهر.
لا يستطيع نطق كلمات
مفردة حتى عمر 16 شهر.
لا يستطيع نطق عبارة
تتكون من كلمتين حتى عمر 24 شهر.
بطء في النمو مع فقدان
اللغة أو المهارات الاجتماعية.
الانعزال عن الآباء أو
مقدمي الرعاية لتجنب الاتصال الجسدي.
تجنب التواصل بالعين مع
الآخرين.
عدم ملاحظة ذهاب أو عودة
شخص ما.
ماهي علامات التوحد للأطفال؟
يشير "دكتور
آنجلو": أنّ علامات التوحد عند الأطفال تتضمن المشاركة المحدودة في اللعب مع
مقدمي الرعاية، الإشارات المحدودة أو غير العادية، أو يفضل سحب أعضاء العائلة للشيء
الذي يريده أكثر من الإشارة إليه أو التحدث، ويلاحظ مقدمي الرعاية أنّ الطفل يحتاج
لفترة طويلة للانتباه عندما تنادي بإسمه أو يمشي على أصابع قدمه أو يقوم بحركات
غير عادية بيده أو أصابعه، بالإضافة إلى تأخُّر الكلام عند الأطفال أو تطور نماذج
غير عادية للكلام، ويمكن أن يكون تكرار السلوك دليل على اضطراب طيف التوحد،
ويقول"دكتور آنجلو": أنّ علامات اضطراب طيف التوحد تصبح أكثر وضوحاً عند
الأطفال حديثي المشي منها عند الرُّضع.
وأوضح بحث هام أنّ
الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يمكن تشخيصهم عند عمر 14 شهر بدقة، إلا أنّ "دكتور
آنجلو" قال: أنّ بعض الآباء لا يلاحظون الفروق ولا يشتبهون في إصابة أطفالهم
بالتوحد حتى وقت متأخر.
كما يوضح "دكتور
آنجلو": لا يتمكن أطباء الأطفال عادةً من القيام بفحص اضطراب طيف التوحد حتى
عمر 18 شهر للطفل و تزداد احتمالية قدرتهم على تحديد الفروق للطفل الصغير عند عمر
عام ونصف، رغم أنّ هذه الحالات يمكن تشخيصها عند عمر مبكر، لذلك إذا لاحظت أياً من
علامات اضطراب طيف التوحد قبل عمر 18 شهر، أخبر طبيب أطفالك بذلك.
الحالات ذات الأعراض المتداخلة مع التوحد؟
يشير"دكتور
آنجلو": أحياناً، قد يتم تشخيص حالات أخرى بالتوحد بسبب الأعراض المتداخلة
ويصبح التشخيص غير دقيق، فمثلا قد يتم تشخيص الطفل بالتوحد بشكل خاطئ لأنه يعاني
من تأخر في النمو بينما يعاني الطفل من نقص المهارات الاجتماعية، و يمكن أن يعاني
بعض الأطفال من التوحد بالإضافة إلى حالات أخرى، ونحن بحاجة لفحص جميع جوانب النمو
لتحديد إذا كان تأخر اجتماعي فقط أو تأخر في العديد من الجوانب (تأخر عام في
النمو) أو كلاهما.
ورغم أنّ بعض الأطفال
المصابون بالتوحد قد يعانون من تأخر الكلام، إلا أنّ العديد من الأطفال الذين
يعانون من صعوبة في الكلام ليسوا مصابين بالتوحد، ويوضح"دكتور آنجلو": قد تساعدنا نوعية التواصل في معرفة الاختلاف بين
اضطراب طيف التوحد و تأخر النطق الانعزالي، فالأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد
يعانون من تواصل محدود بالعين، تعبيرات وجه محدودة، ورغبة محدودة في التواصل، وهذه
الأعراض ليست لدى الأطفال الذين يعانون من تأخر الكلام الانعزالي.
وقد يبدو الأطفال الذين
يعانون من القلق بأنّهم مصابون بالتوحد، فيوضح "دكتور آنجلو": أنّ
الأطفال المصابون بالقلق يعانون من العناد عند اللعب ورفض الانتقالات أو لديهم
رغبة شديدة في الراحة، وقد يكون ذلك من أعراض اضطراب طيف التوحد بالإضافة إلى
الصعوبات الاجتماعية التي تعد السمة المميزة لاضطراب طيف التوحد.
فوائد التدخل المبكر:
يساهم التشخيص المبكر في
التدخل المبكر، ويقول"دكتور آنجلو": أوضحت التقارير أنّ التدخل المقدم
إلى أي طفل يعاني من تأخر، يؤدي إلى تطور في المهارات، ويجب مساعدة الأطفال
لاكتساب المهارات في مرحلة الطفولة المبكرة أكثر من أي مرحلة أخرى في حياتهم، لأنّ
المخ يتطور بشكل سريع في هذه المرحلة.
والتشخيص في أي وقت أمر
مهم للطفل، و يوضح"دكتور آنجلو": أنّ الإنسان يتعلم ويتطور دائماً، لذلك
يمكن أن يجري التدخل في أي وقت خلال مراحل الحياة المختلفة، ويساعد التشخيص المبكر
العائلات و الأصدقاء في معرفة الجوانب
التي بها صعوبات لمساعدة الطفل في الحصول على الدعم الذي يحتاجه.
ويشير"دكتور
آنجلو": أنّ الأمر يحتاج إلى وقت و خبرة لتحديد إذا كان سلوك الطفل يدل على
أنّه مصاب باضطراب طيف التوحد، وقد تساعدك المحادثات المستمرة والدائمة مع طبيب
الأطفال في فهم وحب طفلك بشكل أفضل، وقال "دكتور آنجلو": هؤلاء الأطفال
لديهم الكثير ليعلموه لنا، أتمنى تقدير ما يقدموه للعالم.
ترجمة: فاطمة السيد
تدقيق ومراجعة: ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا