نُزهةٌ في أحضانِ الطبيعةِ بصحبةِ الأطفال
بقلم أليكس فانسي
هواءٌ نقيّ، ورائحة أمطارٍ عذبة ، وتغريد طيورٍ؛
يتردد صداها فوق أعالي الأشّجار الغنّاء. أيُّ شيءٍ أصفى من غمر أنفسنا في أحضان الطّبيعة؟
صحيح أننا نقدّر الطبيعة من حولنا، لكن يأتي العصر الرقميّ اليوم ليجعلنا نركّز
على وميض الشّاشات، بدلًا من تأمل تألق مغيب الشّمس.
لم يعد الهواء الطّلق من أولويات حياتنا
المزدحمة، إلّا أنّ إعطاءه الأفضلية؛ له فوائد كبيرة. فقد كشفت إحدى الدراسات ،
أنّ قضاء ساعتين فقط في الأسبوع في استكشاف الطبيعة يؤدي إلى تحسين الصّحة
والسّلامة.
فإذا كان للطبيعة تأثيرٌ في تحسين حياة البالغين، فما بالك في تأثيرها على حياة الأطفال! تشير مجموعةٌ
كبيرةٌ من الأبحاث إلى أنّ قضاء وقت ٍ في الطبيعة؛ يعزّز من الانتباه لفتراتٍ
أطول، والانضباط الذاتيّ، والإبداع، واللياقة البدنية، والروابط الاجتماعية بين
الأطفال، وتساعد أيضاً في خفض مستويات التوتّر لديهم، وجعلهم أكثر انخراطاً في
التعليم.
كيف يمكننا أنّ نكفل لأطفالنا قضاء وقت كافٍ مع الطبيعة الأم؟ فالخروج في نزهة سيرًاعلى الأقدام في الّطبيعة،
من أفضل الطّرائق البسيطة والممتعة لكل الأعمار..
ما هي النزهة سيرًا على الأقدام في الطبيعة
حين نخرج في نزهة في الطبيعة نغتنم فرصة للراحة،
وأخذ بعض الوقت لاستكشاف البيئة. يشرح ديفيس أنّ: "النزهة في الطبيعة هي
طريقة رائعة للانعزال والرّاحة، وللمراقبة واكتشاف البيئة الطّبيعية؛ فضلًا عن الّتمتع
بالهواء الّطلق. هناك فرصٌ لامحدودة للتواصل مع طفلك من خلال إيجاد أنشطة وذكريات
إيجابية مشتركة."
وهناك أكثر من طريقة تواصل من خلال الهاتف أو الجهاز
اللوحي، إلّا أنّ التنزّه في أحضان الطبيعة يُحفزّ جميع حواس الطّفل، ويُوفّر
نهجاً عملياً للتّعلم عن العالم المحيط به.
ويضيف ديفيس قائلاً: "إنها أيضاً توفر الفرص
لتطوير العلاقة بين الّطفل ووالديه. واتّخاذ الوقت الكافي للتخلص من فوضى الأفكار؛
مما يعني أن تكون حاضراً تماماً مع طفلك في تلك اللحظة
التي تجدد الجسد والروح دون مشتتات."
لماذا الطّبيعة مهمّة لنمو الطّفل؟
لا يقتصر لعب الأطفال في الهواء الطّلق على
المتّعة فحسب؛ وإنّما يعزز أيضًا نموهم العقليّ، والعاطفي، والاجتماعي، والجسديّ. حيث
يشرح لوف قائلاً: "تقترح الدّراسات مشدّدةً على أنّ الوقت الذي نقضيه في
الطّبيعة؛ يمكنه أنّ يساعد العديد من الأطّفال على تعلم كيفية بناء الثقة بأنفسهم،
وتقليل أعراض اضطراب تشتت الانتباه وفرط النّشاط، كما يساهم في تهدئة طباعهم و
يساعدهم على التركيز."
وفي كتابه، يستعرض لوف مصطلح "اضطراب نقص
الطّبيعة"؛ وهي مفهوم يُشير إليه عالميًا، ويعرّفه بأنّه "ليس تشخيصّاً
طبياً، لكنه مصطلحٌ قيّم، وتعبير مجازيّ لوصف أنّ ما يؤمن به العديد منّا، ما هو
إلّا ثمن ابتعاد البشر عن الطّبيعة، حسبما أشارت الدّراسات الحديثة."
فوائد اكتشاف الطبيعة
يعود اختيار قضاء وقتٍ في أحضان الطّبيعة بفوائد لا
حصر لها للأطفال. حيث أنّ صحتهم الجسديّة والمعرفيّة، والعاطفية، يمكن أن تتطور من
خلال أمرٍ يسير؛ كاللعب في حديقة المنزل الخلفية.
ولهذا فإن قضاء وقتٍ في الهواء الطلق، يدفع الأطفال إلى الحَراك وممارسة الرياضة؛ مما يساعدهم على تخفيف الضّغط والارهاق ، ويحسِّن صحتهم الجسديّة. فضلًا عن أنّ تفاعل الأطفال مع الطبيعة بحرية يحفز ملكة الإبداع والخيال لديهم.
خطوات التنزّه في الطبيعة
يمكنك تحويل أيّ مشوارٍ إلى نزهة في الّطبيعة،
طالما أنّك شخص متفاعل وتتمتع بحب الاستطلاع،.ماذا ترى؟ وبماذا
تشعر؟ ماذا تسمع أو تشمّ؟ ما الحيوانات والنباتات والحشرات والطيور التي يمكنك
ملاحظتها؟
الخطوة الأساسية للشروع بمشوار سيرًا على الأقدام
في الطبيعة، والتي يجب أن تضعها في حسبانك، هي الاستمتاع بالتنزه!
يقول لوف: "إذا أتيحت الفرصة للأطّفال
لتجربة الاستمتاع بالطّبيعة -حتى لو بطرق بسيطة- فإنّهم فطريًا يتبعون التفاعل والاندماج
مع الطبيعة ."
لا حرج من تلطيخ ثيابهم
في حال كان
طفلك يزّحف على التّراب متلهفًا لإلقاء نظرة على الحشرات،
وقد تعطي الأتربة والأوساخ انطباعًا
سيئًا، إلّا أنّه لا ينبغي ذلك. حيث تشير الّدراسات أنّ الأطفال الذين يلعبون في
الأتربة، يتعرّضون للبكتريا، والجراثيم، والفيروسات، والطّفيليات، مما يقوي جهازهم
المناعيّ، ويقيهم من الإصابة ببعض أنواع الحساسية والأمراض في المستقبل.
دع لهم فرصة تحديد الوِجهة
يوصي لوف بإعطاء الأطفال الأصغر سناً، حرية
الاكتشاف بطريقتهم الخاصة، قائلاً: "شجعهم على التوقف، وعلى تفحص الّصخور،
ولمس الطّحالب، وفي حال استطاعتهم؛ شجّعهم على تسلق الصّخور، والأشجار المتساقطة.
ومهما كانت البيئة التي عليك أن تقيّم احتمالية المخاطرفيها ، فإنه بإمكان الطفل
تحديد وتيرة المسير؛ وعليك أن تعزز ثقته بنفسه، وتوقد فطنته، وتنمي مهارة حل
المشاكل، وملكة الإبداع، وتثيرعنده الإحساس بالدّهشة".
والأهم من ذلك، تجنّب مشاركة العالم الرّقميّ في هذه التّجربة. ويقترح لوف قائلاً: "عليك أن تترك هاتفك المحمول في جيبك، بوضعٍ صامتٍ. وأشِر إلى مزايا الأشياء أو المناظر الطّبيعية التي تراها، فإنّ ذلك يساعد في ترسيخ الكلمات التي ترتبط بما يَرى و يحسّ و يَسمع".
طرائق
يومية لتواصل الأطفال مع الطّبيعة
في حين أن المشوار في أحضان الطّبيعة يزّود
الأطفال بفرص رائعة لاكتشاف البيئة، إلّا أنّه لايزال هناك طرائق أخرى يومية
وبسيطة، لإبقائهم على تواصل مع الطّبيعة. وأفضل
طريقة لفعل ذلك، هو قضاء أكبر وقت قدر المستطاع في
الهواء الّطلق، حتى وإن كان مجرد سير في الطرقات، أو الاستجمام في الفناء الخلفيّ
للمنزل.
يشرح لوف قائلاً: " حتى في المناطق المدنيّة
المزدحمة، تجد الّطبيعة في مكان ما في الجوار. فالتواصل مع الطّبيعة أمٌرا يسير،
مثل التخطيط المنتظم للتنزه حول حديقة عامة، أو الذهاب في نزهة… ".
ترجمة: نعامة عاشور
تدقيق ومراجعة: أ.ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا