كيف تكتشف ذاتك مرة أخرى بعد تربية الأبناء؟
إليك طريقة إبقاء نفسك
على المسار الصحيح بعد أن يبدأ أبناؤك في الاستقلال بحياتهم.
مارك ترافيرسبقلم
عندما يلتحق الأبناء بالجامعة ويبدأون في شقِّ الطريق نحو حياتهم
الخاصة، فإن العديد من الآباء والأمهات يواجهون تحدياً خلال هذه المرحلة
الانتقالية. حيث إنه قد ينتابهم مجموعة من المشاعر، مثل الحزن والفراغ والقلق، فمن
أقوالهم:
·
"منذ أن غادر أبنائي المنزل، فإن كل ما أفعله هو الجلوس متمنياً
عودتهم".
- "أشتاق إلى وجود أبنائي في
المنزل، وأشعر أحياناً أنه لا يوجد شيء أفعله الآن لأنهم لم يعودوا هنا."
- "أشعر بالقلق طوال الوقت بشأن أبنائي، ومن الصعب أن أدعهم
يذهبون واثقاً أنّهم يستطيعون الاعتناء بأنفسهم."
من الممكن أن تؤدي هذه الأفكار إلى حالات عقلية خطيرة ، عندما تتم إدارتها بشكل سيئ،. وفي الواقع، أظهرت الدراسات أنّ نسبة كبيرة من البالغين الذين يعانون من أعراض القلق والاكتئاب يتم تشخيص حالتهم بمتلازمة العش الفارغ يُظهرون. فعلى سبيل المثال، في دراسة نُشرت في مجلة محفوظات علم الشيخوخة وطب الشيخوخةGeriatricsArchives of Gerontology and ، أفاد 30 بالمائة من المشاركين وهم من كبار السن والذين يعانون من متلازمة العش الفارغ، أنّهم يعانون من القلق.
كما
وجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة فرونترز
ان سايكولوجي أنّ
39 بالمائة من البالغين الذين يعانون من متلازمة العش الفارغ، يعانون من أعراض الاكتئاب.
ومع
ذلك، لا يجد جميع الآباء والأمهات أنّ المنزل الخالي يسبب الإحباط العاطفي. فبالنسبة
لبعض الآباء والأمهات، يمكن أن تُمثل الحرية التي حصلوا عليها مؤخراً تغييراً مُرحباً
به، مليئاً بالفرص الجديدة.
إذا كنت أحد الوالدين اللذين يواجهان هذا التغيير أو على
وشك مواجهته، فإليك أمران قد تحتاج إلى أخذهما في عين الاعتبار بهدف تخفيف وطأة
الأمر.
1. هل تنصهر
هويتك مع هوية ابنك أو ابنتك؟
إنّ
أفضل الآباء والأمهات الأكثر انخراطاً في
حياة أبنائهم يواجهون في كثير من الأحيان، صعوبة في تقبُّل مغادرتهم للمنزل. ويرتبط
جزء من هذا الأمر بالمعايير المجتمعية والدور الذي من المتوقع أن يلعبه الوالدان،
وخاصة الأمهات، في حياة أبنائهم.
يوضح
الباحث فيريل بادياني من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية هذا الشعور قائلاً:
تميل النساء اللواتي يتم تنشئتهن اجتماعياً لأداء الدور الجوهري
للمرأة – ألا وهو تلبية دورها في الإنجاب و تربية الأبناء في المقام الأول - إلى
المشاركة بشكل مفرط في حياة أبنائها. وحين يغادر الأبناء المنزل، تواجه هؤلاء
الأمهات أزمة هوية، حيث يتعين عليهن تحديد أدوار جديدة للقيام بها.
قد تجعلك سنوات من المساعدة في الأعمال المدرسية، ومواعيد اللعب،
والأنشطة الخارجة عن المقررات الدراسية، ونقل الأبناء ذهاباً وإياباً، وحفلات
المبيت تشعر وكأن أبناءك هم محور عالمك - خاصة إذا كنت والداً وحيداً. وقد يجعلك الفراغ
المفاجئ الذي حدث عندما غادر ابنك أو ابنتك المنزل تشعر بالحيرة من أمرك، كما لو
أنّك فقدت الهدف من حياتك.
فيما يلي بعض الأمور التي تساعدك في التخلص من الشعور بالفراغ:
- الانشغال
في الرعاية الذاتية: قد أُنهكت أعصابك بلا شك في قضاء سنوات في تربية الأبناء.
ولا بأس في أخذ بعض الوقت الذي كنت تحتاجه بشدة للاعتناء بنفسك. يمكنك أن
تبدأ بالحصول على قسط كافٍ من النوم. فلا يقدّر العديد من الآباء والأمهات
مدى الإرهاق الذي يشعرون به بعد قضاء سنوات في تقديم الرعاية على مدار الساعة
طوال أيام الأسبوع.
- تدليل
نفسكِ ببعض المُتع : يمكنكِ البدء في اتِّباع روتين جديد للعناية بالبشرة، والحصول
على جلسات تدليك للقدمين، وحجز مواعيد في صالون التجميل.
- اكتشاف
شغفك: استغل وقت فراغك لاستكشاف هواية جديدة أو العودة إلى ممارسة هواية
قديمة كان عليك الامتناع عنها لفترة من الزمن.
- ممارسة
النشاط البدني: يعد النشاط البدني أحد أكثر الطرق فعالية لحماية نفسك من مشاكل
الصحة العقلية. حيث يمكنك الذهاب والاستمتاع بممارسة اليوغا للتمدد ثم
الاسترخاء في حمام البخار. يمكنك أيضاً المشي لمسافات طويلة فلا داعي للقلق بشأن العودة على عجل.
- التفكير
في إيجاد عمل: يمكن أن يُمثل التعامل مع المنزل الخالي تحدياً بشكل خاص
للآباء والأمهات الملازمين للمنزل. ويمكن أن يُضيف العمل على تطوير هوية خارج
دور الأم/الأب - سواء كان ذلك من خلال التقدم لوظيفة جديدة أو فرصة تطوعية -
معنى لحياتك، ويعزز تقديرك لذاتك، ويبقي مشاعر القلق واجترار الأفكار بعيداً.
2. هل تراجعت علاقتك الأساسية مع الأشخاص من حولك؟
قد يصبح التواصل الاجتماعي خارج إطار عائلتك أقل أهمية بصفتك أحد
الوالدين. وقد ترى زوجك باعتباره شريكك في العمل أكثر من اعتباره شريكاً رومانسياً.
ويُعد هذا الأمر هو السبب في أنك قد تشعر بالحيرة من أمرك حيال قضاء وقت الممتع مع
شريكك دون وجود حائل يتمثل في ابنك أو ابنتك عندما يقرر أو تقرر المغادرة في نهاية
الأمر.
تشير
إحدى الدراسات أنّ الرضا عن الحياة يمكن أن ينخفض بين الأزواج في مرحلة المنزل
الخالي. فنظراً إلى أن الأبناء لم يعدوا محور الاهتمام، فقد تنشأ النزاعات والنقاشات
الحادة، وقد نعزي ذلك إلى المنزل الخالي بدلاً من إعادة النظر في العلاقة نفسها.
و الآن بعد الفراغ من مسؤوليات الأبوة والأمومة ، يمكنك التركيز على
إحياء علاقتك ومعالجة المشكلات التي واجهتها في السابق حيث لم يكن لديك الوقت االكافي.
كما يمكنك استغلال وقت الفراغ هذا الذي حصلت عليه مؤخراً في التواصل مجدداً مع أفراد
العائلة والأصدقاء المقربين الذين ربما تكون قد ابتعدت عنهم.
إذا كنت لا تزال تشعر بأن علاقتك لا تستطيع تحمل وطأة تناذر البيت الخالي من الأبناء، فقد يكون الوقت قد حان لطلب المساعدة. يمكن أن يوفر طلب الدعم من أحد أخصائيي الصحة العقلية مساحة آمنة لاستكشاف مخاوفك والعمل من أجل التعافي.
ترجمة: آلاء طارق محمد
تدقيق: أ.ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا