كيف يغيّر حب الاستطلاع عقلك
يشرح الباحثان هنري إدموندز وايمي
براسيك كيف يساعد التفكير الإبداعي في إنشاء مسارات عصبية جديدة في الدماغ
بقلم هنري إموندز و إيمي براسيك
تخيّل أنك تمشي عبر مرج عشبي، عندما
تنظر إلى الوراء، سترى المسار الباهت الذي تركته وراءك. يتولد مسار مماثل في عقلك في كل مرة يكون لديك
فكرة جديدة أو محاولة حركة جديدة ومعقدة. ومثل الأثر الموجود على العشب الغضّ؛ إذا
لم تسلك هذا الطريق مرة أخرى، فسوف يختفي ببساطة.
تخيّل الآن أنك تمشي على هذا الطريق كل يوم، ربما عدة مرات في اليوم؛ فإنك ستخلق مسارًا لا لبس فيه. ومن المؤكد أنّ أيّ شخص آخر يعبر هذا المرج سيتبع هذا الطريق بنفسه.
يحدث الشيء نفسه في أدمغتنا عندما
نكرر نفس الأفكار عن أنفسنا وعن العالم، ثم نتابعها بأخبار أو صور معزّزة. وما أن يطأ المسار
في مكانه، تأتي تجربة مختلفة - حتى لو لم تكن ذات صلة تمامًا - توجهنا لاتباعه مرة
أخرى.
يحدث هذا غالبًا مع الأفكار السلبية، التي يمكن أن تخلق سلبية راسخة و أن تسبب الاكتئاب إذا أصبحت نمطًا متكررًا.
ومع ذلك لسنا عاجزين في مجرى الأحداث هذا. فبمجرد أن
ندرك ما نقوم به؛ يمكننا اختيار مقاومة المسارات المألوفة للسلبية. فإذا تمكنا من
مقاومتها لفترة كافية ؛ سنلاحظ كيف تختفي في النهاية - تاركة لنا مساحة وطاقة لخلق
مسارات أكثر إيجابية.
إنّ أفضل أداة لمساعدتنا في إعادة
توجيه أفكارنا ليست شيئًا نادرًا أو مجردًا - فنحن جميعًا لدينا إمكانية الوصول
إليه - إنّه حب الاستطلاع.
مسار جديد
ننظر إلى العقل من ناحية الصحة النفسية على أنه طيف. تتفاوت
أفكارنا وعواطفنا بين الجمود و الفوضى، لكننا لا نريد أن نعيش في أي من الطرفين. فالنهج
السليم يعني قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت في وسط مكان ما.
فغالبًا ما نرى في العلاج السلوكي
المعرفي، أنّ نمط التفكير الجامد والثابت مرتبط بالاكتئاب. وقد نشعر بالحاجة إلى
أن يكون العالم أبيض وأسود، حتى تكون الأشياء إما صحيحة أو خاطئة. لذا يساعدنا حب
المعرفة على الهروب من كلا الأمرين أو تحديد أفكارنا السلبية. إنه يساعدنا على تشحيم
المسننات العقلية المتوقفة والانفتاح على مساراتٍ أكثر مرونةٍ في التفكير والشعور.
بُعدا حب الاستطلاع
نحتاج أن
نفكِّر بعمق في سعينا وراء حب الاستطلاع، والذي له بعدان بناءً على كيفية نشوئه:
إما خارجيًا أو داخليًا. ومن المهم تعهد وصقل الاثنين وتحقيق التوازن بينهما.
البعد الخارجي بشكل أساسي على البيئة
للترويح عن أنفسنا. يعد الانفتاح والاهتمام بالعالم أمرًا مثريًا، ولكن يمكن
المبالغة فيه عندما نبدأ في البحث عن التجديد عنوة - خاصة إذا كنا نبحث عن اللهو أو
الهروب.
وقد يؤدي إلى نوع من السخط الدائم الذي يشبه إلى حد ما الاكتئاب. وهو علامة على عقل غير مستقر يدفعنا نحو نهاية فوضوية لهذا النطاق.
يمكن أن يساعدنا البعد الداخلي لحب الاستطلاع في إيجاد التوازن: نحتاج إلى إثارة الفضول من داخلنا. و التّعرف على التجارب الجديدة أو الشاقّة بعيدًا عمّا تعلمناه . والتعامل معها بعقل متفتح ومنظور واسع. كما يقتضي الأمر أن نهتم بصدق بما يجري من أحداث.
وبدلاً من التفكير في أننا نعرف
بالفعل كيف ستسير التجربة أو أن نخشى ممّا ستؤول إليه، علينا أن نتخلى عن التوقعات
ونصبح فضوليّين لنتعلم. فيصبح هذا النهج في الحياة ساحة تدريب حتى نكوين حاضرين في
الوقت الحالي.
فرص التعلم
عندما نشعر بالفضول حيال شيء يجعلنا نشعر بالارتباك، قد نلاحظ أشياء لم نرها من قبل، ممّا يدفعنا أن نغيّر تفكيرنا. وهذا هو النطاق الذي يحدث فيه التعلم والتغيير.
قد ندرك أننا لا نعرف ما اعتقدنا
أننا نعرفه، أو
أن الشخص أو الموقف مختلف تمامًا عما افترضناه، أو أننا ما زلنا لا نفهم شخصًا ما أو شيئًا ما، إلا
أنّنا على الأقل نعلم أنّا لا نفهمه، ولكنّنا نأخذ به.
قد يبدو هذا المنظور الواسع صعبًا في
بادئ الأمر ، ولكنّ هذه المشقّة التي يمكن أن تخلق روابط عصبية جديدة. فكّر في هذا
على أنه سلك طريقًا جديدًا عبر ثليج مسطّح بدلاً من العشب. سيكون عملًا شاقًا، لكنه
يحدث فرقًا كبيرًا في المشاهد الطبيعية. قد يرفع هذا الجهد من مستوى التوتر لديك
مؤقتًا، لكنه يشكل ضغطًا جيدًا. وسرعان ما يتم التخلص من هذا التوتر، ويمكن البدء في تعزيز
المسار الجديد.