لماذا يكون لدى البعض مشاكل في التواصل أكثر من غيرهم؟
بقلم جاسون وايتنينغ الحاصل على درجة الدكتوراه
الأشخاص الذين يبذلون جهدًا في قراءة الرسائل من النبرة والجسد
هم في مَأزِق.
إن العلاقات الحياتية محفوفة بالعقبات سواء في الحياة الإعتيادية أو الودية أو الحميمية، ولولا شدة العاطفة لما أقام الناس علاقات عاطفية على الإطلاق. ونرى البعض ضليع في تجاوز تلك المحن و متفوق في ألعاب العشق، تمامًا مثل رياضي أو صاحب المواهب الفكرية، والبعض الآخرنراه ذو كفاءة وآخرون ليسوا كذلك. كما يمكننا أن نرى مستويات متفواتة من المهارات الإجتماعية في رياض الأطفال، كما أنّ هناك أطفال يتمتعون بالقدرات الفطرية ويَحظَون بمحبة أقارنهم. فالحياة تكون عسيرة بالنسبة لأولئك الذين يكابدون المشقة لفهم الآخرين.
ولنتناول مثال عن التّوحد، فعلى الرغم من آلاف الأنواع لهذه الحالة، إلا أنّ هناك بعض السمات الأساسية لها، إحداها وجود الصعوبات الإجتماعية، فأولئك الذين يعانون من طيف التوحد غالبًا يصعب عليهم قراءة المشاعر أو تعابير الوجه.
ويسمى عدم القدرة على قراءة التلميحات الإجتماعية إضطراب
الديسميا وهذا الإسم من أصول إغريقية ديس ( صعوبة ) سيميا (علامة ). وهذا العجز قد
يُنهك العلاقة الزوجية، وقد إستشارني أحد الأزواج بشأن مشاكل التواصل إلا أنّ معظمها حسبما تم تشخيصه
كان بسبب الزوج الذي كان يعاني من علامات التوحد و إضطراب فرط الحركة وتشتت
الإنتباه و إساءة القراءة أو عدم فهم تلميحات زوجته.
وكان مستمرًا في التسبب بتلك المشكلات وغير مدرك أنّ
تعبيرات زوجته كانت تنم عن الشعور بالألم و الإستياء، وكان يوصل لها رسالة "إنني
لا أبالي، وأشعر بالضجر من التعاطف معك." وقد شعرت بالإحباط حين كان لا يفهم
رسائلها، كانت تمر بيوم عصيب و تتذمر، غيرأنّها كانت تريد قول "أعرني
إنتباهك" وهذا الأسلوب كان ملتويًا للغاية بالنسبة له.
وقد رويتُ لهما قصة زوجين كانا يقودان السيارة سوية وقد سألَتْ الزوجة زوجها " هل أنت ظمآن؟" فكر الزوج مليًا ثم قال "لا" وتابع القيادة، و لاحظ فيما بعد أنّ زوجته منزعجة ومرتبكة.
إنها لم تكن كذلك بالطبع، إنما كانت تسأله عمّا إذا كان ظمآنًا لكنها أرادت طلبًا، فقد كانت تخبره بذلك أنّها تريده أن يتوقف من أجل شرب الماء لكن بأسلوب يتطلب منه تأويل إحتياجاتها المضمرة. فبعض الأزواج ليسوا مؤهلين لمثل هذا التواصل، وهم بحاجة إلى تواصل مباشر.
وقد إقترحت إحدى الدراسات القديمة أنّ خمس وخمسون بالمئة من المعنى العاطفي لرسالة أثناء التحدث يتم إيصاله من خلال تعابير الوجه و حركات الجسد، وأنّ ثمانية وثلاثون بالمئة يصل عن طريق نبرة الصوت، ويبقى سبعة بالمئة فقط من المعنى العاطفي يتم نقله بالكلمات. فالشخص الذي يُعوِّل على الكلام فقط قد يضَيِّع ثلاثًا وتسعين بالمئة من الرسالة، مما يجعل الأمور لاتسير على مايرام في العلاقة.
وبعض الأزواج يبذلون جهدًا كبيرًا من أجل فهم المشاعر لأنّ
قارئ العواطف معطل لديهم. وقد وجد بيتر فوناجي أنّ بعض الأشخاص الذين يسيؤون قراءة
العواطف، قد نشأوا في أسرة كانوا فيها مهمَّشين.
فالطفل الذي يعيش في عالم مخيف تصبح إستجاباته بالإحجام.
وتتصف المشاعر بالإنفعالية لهذا تنشأ عاصبة نفسية لإيقاف الشعور بالوجع.
تحدث إساءة قراءة العواطف أيضًا عند الشعور بالخطرلأنّ إثارة عالية تدفع الشخص لإبطان حالة عاطفية أخرى.