تغييرات الحياة قد تكون مربكةً للأطفال
بقلم
ديفيد شوارتز
قد يكون التغيير صعبًا علينا جميعًا ولكنه بالأخص شاقٌ على الأطفال .
· قد يكون التغيير صعبًا على أي شخصٍ، كذلك التغيير الإيجابي يمكن أن يخلق ضغوطًا ومصاعب.
·
لعل الأمر
يكون أكثر صعوبةً على الأطفال الذين قد لا يكون نموهم العقلي على استعدادٍ لاستيعاب
بعض التغييرات من حولهم.
·
قد يكون
الطفل الذي يتصرف بشكلٍ غير لائق، مرتبكًا عاطفيًا نتيجة تحولٍ ما في حياته.
· مساندة الأطفال على اجتياز الضغط والإرتياب في التعاطف معهم، يمكن له يمنحهم الشعور بمزيدٍ من الأمان.
نفضِّل بطبيعتنا الاستقرار بشكلٍ عام، سواءً كنا مرتاحين للحياة التي نحياها أو نأمل في تحقيق
نجاحٍ أكبر، فهناك شعور بالأمان في إتِّباع روتين ما وإدراك أننا نلبي احتياجاتنا.
إنّ شعور الأمان الذي ينتابنا في المكان الذي نقطنه، وبرفقة من نعيش معهم، ومعرفة مصدر
وجباتنا يُعيننا على التركيز، كما يساعدنا الشعور بالاستقرار في حياتنا على الإحساس
بمزيد من الأمان والاطمئنان، وذاك هو السبب في أن التغيير الذي يؤثر على ظروف الحياة
تلك، يمكنه أن يكون مزعجًا
وبشدة، فحتى التغييرات الجيدة في حياتنا لها ثمن.
كثيرًا
ما نسمع عن أشخاص حققوا نجاحًا باهرًا في حياتهم المهنية، غير أنهم يكافحون في حياتهم
الشخصية، إما فشل زواج أو وجود مشكلات تتعلق بتعاطي المخدرات، مما يعني أن النجاح المهني
ليس ضمانًا على أن كل شيء آخر سيسير بالطريقة التي خططنا لها، كما يمكن للتغييرات الكبرى
في حياتنا جيدها و سيئها أن تخلق حالة من عدم اليقين وعدم الأمان والتي ربما تصبح مربكة.
قد يُولِّد النجاح المفاجئ ضغوطًا في العلاقة والتي قد تفضي للطلاق، وخلاصة القول هنا
أنه بينما تشتمل الحياة على التغيير المستمر، فغالبًا ما يسعى البشر إلى الاستقرار
لأن التغيير الزائد عن الحد يمكن أن يُسبب قدرًا كبيرًا من المشقة.
التغيير أمرٌ حتمي
الكبار يكافحون مع تلك الحقيقة طوال الوقت، قد يكون أمرًا مألوفًا كفقدان وظيفة أو الانفصال عن علاقة ما أو حدوث حالة وفاة في الأسرة، فنحن نكافح مع قضايا التغيير طيلة حياتنا. وبصفتنا كبارًا، تعلمنا كيفية التعامل مع العديد من التغييرات الحاصلة، في حين أنّ عدم اليقين بالتغيير ربما يكون مزعجًا للغاية بالنسبة لنا ككبار، ولكننا على الأقل ندرك الظروف التي تسببت فيما يحدث، بينما لا يتمتع الأطفال دائمًا بهذه القناعة.
غالبًا ما يتم تربية الأطفال في أسر مستقرة
حتى يحصل أمرٌ ما، فقد نشأوا على الاعتقاد بكونهم آمنين، ومن منطلق الأطفال، سيظل آباؤهم متواجدين دائمًا، وستبقى منازلهم آمنة،
كما يتصورون أن الأشياء ستدوم على حالها مما يُشعرهم بأنهم يستندون على أرضٍ صلبة في
واقعهم.
دعنا نتصور الآن ما سيحدث عندما ينتقل من
الحي صديقٌ مقرب لطفلٍ ما. كيف سيتكيف هذا الطفل مع شعور الفقد؟ وربما يكون هو ذاك
الطفل الذي انتقل إلى مدينة جديدة وعليه البدء ثانيةً في المدرسة برفقة مجموعة جديدة
من الأطفال. ما الذي سيصيبه إن إنفصل والداه؟ فمن الجائز أن تنتابه دوامة من المشاعر،
ويحتمل أيضًا أن يغمره شعور عارم بالفقدان مع قدرته الضئيلة على استيعاب تلك التغييرات
الحياتية الجسيمة.
الضغط المتزايد على الأطفال
من السهل على الأطفال عند حدوث تغييرات
الشعور بالارتباك، فحدث إعتيادي كالانتقال إلى مدينة جديدة ربما يثير الفوضى في
مشاعرهم. ماذا عن أصدقائهم؟ ماذا عن رفاهية معرفة مواقع الأشياء في حيهم؟ ماذا عن
مدرستهم ومعلميهم؟
قد
لا يدرك الآباء الخوف والانزعاج الهائلين المصاحبين للتغييرات الجسيمة لدى الأطفال،
وبينما يتخذ الكبار تلك القرارات، فغالبًا ما يكون لديهم فرصة لإعادة النظر بها، أما
الأطفال فلا يتمتعون بذلك على الدوام، حيث يتم إعلامهم فقط بما يحدث، فلا يكون لهم
رأي في المسألة (إن وجد) وأحيانًا لا يكون لديهم الوقت الكافي لاستيعاب التغييرات التي
تحدث.
عندما يصل الأطفال إلى مرحلة المراهقة،
يكون لديهم بالفعل العديد من التغييرات الجارية في حياتهم، حيث يصلون إلى سن البلوغ
ومن ثم يكتشفون مشاعر وخبرات جديدة. متجهين نحو سن الرشد. إنّ كل تلك التغييرات مضنية
بما فيه الكفاية عندما تضيف إليها بعضًا من التغييرات العائلية (طلاق، إنتقال إلى مجتمع
جديد، ضائقة مالية)، فمن الممكن أن تجعل التغييرات التي يمرون بها بالفعل أكثر إرباكًا.
دعونا ندرك كيف ترتبط الصدمة النفسية بالتغيير.
من المهم أن يدرك الآباء والكبار ممن يتفاعلون
مع الأطفال، أن حدوث التغييرات في حياة الطفل قد يسبب صدمة نفسية له، فيمكن لطفلٍ آمن
أن يشعر بالخطربشكل مفاجيء، كما قد ينغمس الطفل المتفوق في أداء واجباته المدرسية
عندما يلاحظ الكبار تغييراتٍ سلبية على الأطفال، خاصةً إذا اقترنت بتغييرات عائلية أخرى، فمن المهم إدراك أنهم ربما يعانون، وقد يتصرفون بطرق لم يسبق لهم التصرف بها، حيث لا يكون تصرفهم السيئ نتيجة تحولهم إلى أطفالٍ سيئيين، بل يحتمل ألا يكونوا على درايةٍ بكيفية التأقلم عاطفيًا مع التغييرات الحاصلة في حياتهم. فربما يكونون مرتبكين ولا يدرون ما الذي عليهم فعله ليكونوا قادرين على تمالك أنفسهم.
التغيير صعبٌ على الجميع. إنه بالأخص مربكٌ للأطفال والمراهقين الذين لم يعززوا بعد قدرتهم على التعامل مع مشاعرهم، فكلّما تقدمنا في العمر وكلما ازدادت خبرتنا في الحياة، غالبًا ما نصبح أكثر قدرة على التعامل بفاعلية مع التغييرات الطارئة على حياتنا، حيث نطور قدرتنا على التفكير الذاتي والوعي الذي يسمح لنا بالحفاظ على استقرارنا العاطفي حتى في مواجهة التغيير. ولعل الأطفال لم يعززوا تلك المهارة بعد، فقد تُربكهم تمامًا التغييرات الجسيمة في حياتهم، ومن المهم إدراك ذلك حتى نتمكن من منحهم التعاطف ومساندتهم أثناء حدوث التغييرات التي يمكن أن يجدونها صعبةً في حياتهم.
ترجمة: حبيبه عبد النبي محمد سالم
تدقيق: ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا