كيف تساعد أطفالك على تحقيق النجاح من خلال النشاط البدني
بقلم: نيكول رادزسويزكي
يواجه أطفالنا العديد من التحديات من أجل لياقتهم البدنية ومن ضمنها التخصص الرياضي، والفروقات الجنسية، والإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية، وأكثر من ذلك. اكتشف كيف تساعد أطفالك في تحقيق سلامة صحتهم، وسعادتهم من خلال النشاطات البدنية.
توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بممارسة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 7 سنوات أنشطة بدنية لمدة ساعة يومياً، ومع ذلك في عام 2020، وصل طفل من كل خمسة أطفال لهذا المعدل بحسب نتائج الدراسة الوطنية لصحة الأطفال، وأكثر من طفل من بين عشرة أطفال لا يمارسون النشاطات البدنية ساعة في الأسبوع على الأقل.
قد تضاعف استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية في الوقت الحالي حيث أنّ 44% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 10 سنوات يقضون الآن أكثر من 4 ساعات بشكل يومي في استخدام الأجهزة الألكترونية بعيداً عن أداء الواجبات المدرسية، وكانت النسبة لمن هم أعمارهم ما بين 11 إلى 13 هي 47%، أما بالنسبة للمراهقين لمن أعمارهم بين 14 إلى 17 عامًا كانت النسبة 62 بالمائة وثلث الآباء الذين شملهم الاستطلاع كان أطفالهم قد أمضوا هذا الوقت في استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل الوباء.
كل هذا كان بسبب آخر صيحة: أصبحت الرياضات الشبابية أكثر ضعفاً وتنافسية وأعلى تكلفة، حيث يمارس العديد من الأطفال الآن رياضة واحدة أو اثنتين منذ صغرهم ، ويمارسون تدريبات عنيفة ومواعيد سفر.
"نريد أن يكون الأطفال نشيطين كل يوم، وليس فقط من خلال ممارسة الرياضة المنظمة"
لا يمارس الأطفال كثيرًا في يومنا هذا لعب التقاط كرة السلة، والتدافع عبر ساحات الطبيعة، والجري حول الحي، وتسلق أشجار الغابات.
يقول جويل برينر الحاصل على دكتوراه في الطب، واختصاصي طب الأطفال الرياضي في مستشفى كينغز دوترز للأطفال في نورفولك، فيرجينيا، والرئيس السابق لمجلس الطب الرياضي واللياقة البدنية التابع للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "نحن نسير في الاتجاه الخاطئ، وأصبح اللعب الحر أقل كثيرًا مما كان عليه الحال قبل 20 أو 30 عامًا، وأعتقد أننا نتعامل مع طرفين متعاكسين - وهذه مشكلة طويلة الأمد لهذين الطرفين وهما: الأطفال الذين يتم تدريبهم بشكل مفرط في رياضة مخصصة، والأطفال الذين لا يبذلون ما يكفي من الجهد. لذلك نريد أن يكون الأطفال نشيطين كل يوم ، وليس فقط من خلال ممارسة الرياضة المنظمة ".
يجني الأطفال الذين ينشطون كامل أجسادهم بشكل متكرر فوائد لا تعد ولا تحصى منها: تقوية عضلات القلب والرئتين، وتقوية العظام والعضلات، وتحسين الصحة العامة، حيث يمكن للنشاط البدني أن يعزز الثقة بالنفس أيضاً، وهو أمرٌأساسي لتفادي مشاكل الصحة العقلية، ويميل المتمرنون بانتظام إلى التفوق على أقرانهم الذين اعتادوا الجلوس .
ومن ناحية أخرى، يكون الأطفال غير النشطين بدنيًا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، ومشاكل في العضلات والعظام مع تقدمهم في السن، ويقول برينر إن الخمول يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والقلق.
يتم في مرحلة الفتوة برمجة الجسم حتى البلوغ، لذلك يحتاج الأطفال إلى الكثير من النشاط وبكافة أشكاله، كما توضح كاتي بومان، عالمة الميكانيكا الحيوية، ومؤسسة مدونة نيوتريشس موفمينت، وصاحبة سلسلة كتب جرو وايلد.
" الحركة هي دائرة كبيرة تحوي على جميع الطرق التي يمكن للجسم أن يتحرك بها - فالتمارين والرياضة هي نوع من أنواع الحركة، ولكن هناك العديد من الحركات الأخرى التي لا تعد من التمارين أو من أنواع الرياضة، حيث تحتوي التمارين والرياضة على بعض ما يحتاجه الأطفال، ولكن هناك احتمال ألّا تؤدي ممارسة الأنشطة إلى تحريك الجسم بالكامل بكافة الطرق، أو لساعات كافية في اليوم ".
سواء كان
الأطفال يجلسون على الأريكة ويلعبون ألعاب الفيديو أو يلعبون كرة القدم ليتم اختيارهم
للعب الاحترافي، فمن المحتمل أنّهم لا يحصلون على مزيج الحركة الذي تحتاجه أجسامهم
للحصول على صحة مثالية، هناك توازن، ولم يفت الأوان بعد لتشجيع الأنشطة التي
تجمع الطرفين.
فهم الحركة الصحية
تشبِّه بومان قول "الأطفال بحاجة إلى الحركة" بقول قول" الأطفال بحاجة إلى تناول الطعام" وتقول "كلا العبارتين صحيحة تمامًا، لكنها ليست محددة بما يكفي لتكون مفيدة، حيث يحتاج الأطفال إلى تناول مجموعة من الأطعمة التي توفر لهم الكمية المناسبة من العناصر الغذائية - السعرات الحرارية والمغذيات الرئيسية والمغذيات الدقيقة. وبالمثل، فإنّ الأطفال لا يحتاجون فقط إلى الحركة الكافية؛ بل أجسامهم بحاجة إلى مغذيات مخصصة ".
تتمثل إحدى طرق
تقييم إذا ما كانت أنشطة الأطفال تلبي الاحتياجات الحركية لهم من خلال تعزيز محو
الأمية البدنية، والتي تتكون من ثلاثة مكونات: القدرة والثقة والرغبة، حيث إنّها أساس
مشروع اللعب التابع لمعهد أسبن ، وهي مبادرة وطنية تساعد الجهات المعنية في بناء
مجتمعات صحية من خلال الرياضة.
جعل الحركة جذابة
بالنسبة للأطفال
الذين يشارفون على سن المراهقة، فإنّ توصية مركز السيطرة على الأمراض (CDC) بممارسة النشاط البدني لمدة 60 دقيقة
على الأقل في اليوم، لكن الإحصاءات تظهر انخفاضًا حادًا في
مستويات النشاط البدني للشباب الأكبر سنًا. ففي عام 2016، 42.5% فقط من الأطفال
الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 11 عامًا قد اتبعوا نصيحة الـ 60 دقيقة؛ في حين أنّ
7.5% فقط من هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 و 5.1% ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و 19 عامًا التزموا بالنشاط.
مع تقدم الأطفال في السن، هناك أيضًا تحول آخر: حيث تنخفض مستوى مشاركتهم في اللعب الحر وترتفع أكثر في الألعاب الرياضية المنظمة، والتي لا تكون متاحة مثل اللعب الحر. ويكون المراهقون أيضًا أكثر خجلاً ويقل احتمال مشاركتهم في نشاط ما، إذا لم يشعروا بالثقة في قدراتهم.
يمكننا مساعدة المراهقين بشكل أفضل من خلال إتاحة خيارات أوسع وإعطائهم نصائح للبدء في ممارسة النشاط البدني، وكذلك مساعدة المدربين لتوفير سبل الراحة وتزويدهم بالمعلومات عن أهمية الحركة، و (للتعرف على طرق تقييم المستوى الحالي لنشاط طفلك ، اقرأ مقال "الصغار وعدم القلق: تقييم مستوى نشاط طفلك".)
"بالنسبة لجميع الأطفال حتى سن 12 عامًا على الأقل، يجب أن تكون الأولوية لتطوير الثقافة البدنية، لا بهدف الحصول على بطولة الفئة العمرية في بعض الدول النّائية."
تكوين أسلوب حياة مفعم بالنشاط
عندما تستيقظ في الصباح لممارسة الرياضة أو تقضي وقتًا بعد العشاء في نزهة عائلية، فأنت تعلّم أطفالك أن تخصيص وقت لممارسة الرياضة أمر مهم.
يقول برينر إن العكس هو صحيح أيضًا. "إذا كان الوالدان خمولان، سيكون لذلك تأثير كبير على الأطفال ، وبالتالي تصبح مشكلة مجتمعية." وتظهرت الدراسات باستمرار وجود علاقة إيجابية بين النشاط البدني للوالدين والأطفال، بغض النظر عن عمر الأطفال.
الموازنة بين استخدام الأجهزة الإلكترونية والحركة
تؤثر العادات الحياتية و طرق التغذية على مستويات الطاقة لدينا، ودافعنا للنشاط، وعلى اعتياد ممارستنا للرياضة، يقول برينر إنّ أحد التغييرات الفعالة في نمط الحياة التي يمكن أن تقوم بها العائلات لتشجيع الحركة هو الحد من وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية.
إلى جانب التضحية بالوقت الذي يقضيه الأطفال في النشاط، فإن الجلوس والتّحديق في الجهاز يمكن أن يؤدي إلى آلام في الظهر ومشاكل في العضلات والعظام، ناهيك عن مشاكل التنشئة الاجتماعية، ويضيف: " نتحدث في مكتبي كل مرة عن تحديد 30 دقيقة فقط لاستخدام الأجهزة الإلكترونية ومحاولة ابتكار أنشطة بديلة."
قد تتضمن الاستراتيجيات و القواعد التي تحكم الوقت المحدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية: مطالبة الأطفال بالخروج من المنزل قبل السماح لهم باستخدام الأجهزة، أو موازنة مقدار وقت استخدام الأجهزة مع وقت النشاط البدني، أو تقييد استخدام أجهزتهم لتكون في عطلات نهاية الأسبوع.
ولا ينبغي أن تكون هذه الأجهزة هي الطرف السيئ، وكما تعلمنا على مدار العامين الماضيين، يمكن إدخال العديد من فرص اللياقة البدنية بشكل أو بآخر، وبالنسبة للأطفال الخجولين، فإن المشاركة في لعبة أو فيديو رقص يزيد الحركة ويوفر فرصة لها، وحتى مع وجود مساحة صغيرة، يمكن للطفل ممارسة رقصات الـ تيك توك المناسبة لعمره بعد موافقة الوالدين والتي تتماشى مع أهداف النشاط.
وينبغي التأكد من أنّ الأجهزة لا تشغل الوقت الذي يمكن أن يقضيه في النشاط والتواصل الاجتماعي المباشر.
استعادة اللعب الحر
لطالما كان اللعب الحر جزءاَ من طفولتنا منذ أن خطونا خطواتنا الأولى، سواء كان الأطفال يلعبون التخبئة، أو ركل الكرة، أو يتسلقون الأشجار، أو مبارايات كرة السلة، فلأطفال بطبيعتهم يبحثون عن هذه التجارب من الألعاب العشوائية والغير منظمة، وقد يعتمد اللعب الحر على ممارسة رياضة، أو لمجرد التسلية .
يقول فاري: "يساعد اللعب الحر في تطوير الإبداع ويسمح للأطفال بالتجربة، ويعزِّز حب اللعب، وهي تجربة يخوضها المشارك وحده". ويضيف "المكافأة تكون ذاتية، على عكس المكافأة الخارجية التي تحصل عليها من الرياضات المنظمة، إنّها جوهر الرياضة الأصلي ".
يمكنك إعادة اللعب الحر من خلال توفير وقت ومكان للأطفال للمشاركة في اللعب بمفردهم.
· كرِّس المزيد من المساحات الخضراء ومرافق المتنزهات في مجتمعك حتى لا تقتصرعلى الفرق الرسمية.
· عرّض أطفالك لمجموعة متنوعة من الرياضات والأنشطة مع بعض الإرشادات الرسمية ليشعروا بالثقة في اللعب مع الأطفال الآخرين، فقد يكون التدريب والدروس والصفوف مكلفًا، لكن فكر فيها على أنها استثمار تجربة جيدة وليس مجرد رياضة أو نشاط.
· خصص وقت للعب الحر، حتى لو كان على حساب وقت ممارسة رياضة أو نشاطات رسمية.
·
تواصل مع العائلات الأخرى التي تقدِّر اللعب الحر،
يمكن تنظيم ذلك من خلال ترتيب وقت يجتمع فيه الأطفال في حديقة للعب.