ما يجب أن تعرف عن اكتئاب الأطفال
بقلم نانسي
شيملبفينينغ
يعتقد معظم الناس أنّ الاكتئاب مرضٌ يصيب البالغين، إلا أنّه قد يصيب الأطفال والمراهقين كذلك. وللأسف فإنَّ كثيراً من حالات اكتئاب الطفولة لا تَتِم معالجتها لعدم إدراك البالغين أنَّ الأطفال مصابون بالاكتئاب.
ولذا فمنَ الضروري لكلٍ من الوالدين
والمعلمين وغيرهم من البالغين االتعرف على اكتئاب الأطفال. وعند فهم أعراض الاكتئاب،
وسبب تفاقمه عند الأطفال .
أعراضه
يختلف الاكتئاب عند الأطفال والمراهقين عما هو عند البالغين، ويُعد الانفعال والغضب من علامات الاكتئاب الشائعة عند الأطفال والمراهقين. أَضِفْ إلى ذلك أنّ الأطفال المُمَيِّزينَ يجدون صعوبةً في التعبير عن مشاعرهم ، فيما يحاول المراهقون إخفاء آلامهم العاطفية خوفًا من تَغَيُّرِ نظرة الآخرين لهم.
وحيث أنّ التصرفات الطبيعية للأطفال تختلف مع نُموهم، فقد تواجهُ صعوبة في معرفة ما إن كان طِفلك يَمر بمرحلة ما أو يواجه أمرًا ذا خطورة. وأول خطوة لمساعدة طفلك في مواجهة الاكتئاب هي تشخيص المرض.
وحسب الأكاديمية الأمريكية للطب النفساني
الموجه للأطفال والمراهقين، تستمر أعراض الاكتئاب الشائعة لدى الأطفال والمراهقين
لأكثر من أسبوعين، ويشمل ذلك:
·
تغيرات في الشهية والوزن.
·
يشعر الطفل أو يبدو عليه الاكتئاب، أوالحزن، أو البكاء، أو
الانفعال.
·
الضعف والوَهَن.
·
الشعور بالذنب والخزي.
·
صعوبة في التركيز.
·
عدم الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي كان يحبها.
·
تباطؤ أو هياج نفسي حركي.
·
مراودة الأفكار الانتحارية .
· اضطرابات في النوم: الأرق أو فرط النوم بشكل يومي تقريبا.
وهنالك أعراض بدنية إضافة إلى الأعراض المذكورة، كآلام المعدة، والصُّداع، وتعاطي المخدرات، وتراجع الأداء المدرسي.
وغالبا ما يكون الأطفال أبعد عن التوافق مع
معايير الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية (الإصدار الخامس) للاكتئاب، ومع
تقدمهم في السنِّ؛ تصبح أعراض الاكتئاب أكثر توافقا مع معايير الإصدار الخامس.
أسبابه
تساهم أحداث الحياة المقلقة، كالطلاق مثلا، في الاصابة بالاكتئاب. وما هي إلا جزء صغير من المعادلة؛ فهنالك كثير من العوامل، بما في ذلك العامل الجيني، تلعب دورا في تطور الاكتئاب.
وثمّة العديد من العوامل التي قد تساهم في
الإصابة باكتئاب الطفولة، وتشمل:
·
التفاعلات الكيميائية في الدماغ: فقد يكون ااختلال بعض
النواقل العصبية و الهرمونات دورٌ في عمل الدماغ، مما قد يؤثر على المزاج والعواطف
ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
·
العوامل البيئية: فقد تزيد البيئة المنزلية المقلقة
والفوضوية وغير المستقرة من فرص إصابة الأطفال بالاكتئاب. وقد يكون الطرد والتنمر
في المدرسة من العوامل المساهمة أيضًا.
·
التاريخ العائلي: إنّ نشوء الأطفال مع أفراد من العائلة يعانون
من اضطرابات في المزاج كالاكتئاب يجعلهم أكثرعرضة للإصابة بأعراض الاضطرابات
الاكتئابية.
· الإجهاد أو الصدمات النفسية: فالتغيرات المفاجئة كالانتقال أو الطلاق، أو الأحداث المؤلمة كالإيذاء والشتم قد تساهم في الشعور بالاكتئاب.
وجميع الناس عرضة للإصابة بالاكتئاب، وهو ليس
من علامات الضعف، كما أن إصابة ابنك بالاكتئاب ليس ذنبك.
التَّشخيص
في حال ظهر على طفلك علامات الاكتئاب، يمكنك زيارة أخصائي أطفال.
ويجب على الطفل أن يخضع لفحص بدني وطبي شامل قبل إبداء التّشخيص، مما يستبعد أي ظروف صحية ضمنية قد تكون سببا في ظهور الأعراض، فمشاكل الغدة الدرقية مثلا، وفقر الدم، ونقص الفيتامينات، كل هذه يمكن أن تتسبّب في أعراض مشابهة لأعراض الاكتئاب.
وباعتبار أنّه لا يوجد فحص خاص بالاكتئاب،
فقد يلجأ الطبيب لاستخدام تقييمات نفسية متعددة لتقييم نوع وشدة الاكتئاب التي
يعاني منها الطفل.
تصنيفات الاكتئاب
عندما يتم تشخيص حالة الطفل بالاضطرابات
الاكتئابية، فإنها تقسم عادة حسب درجة الشدة إلى:
·
خفيف.
·
متوسّط.
· شديد ( ويطلق عليه أيضًا "الخطير" أو "السريري").
ووفقا للكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض
العقلية (الإصدار الخامس)، فإن هذا التصنيف قائم على الرقم، والنوع، وشدة الأعراض ودرجة
تأثيرها على الحياة اليومية للمريض.
علاج الاكتئاب
إذا تم تشخيص حالة الطفل بالاكتئاب الخفيف، يقوم الطبيب بمراقبة الأعراض قبل وصف أي علاج، فإذا استمر ظهور الأعراض لمدة 6-8 أسابيع من بدء المتابعة، عندها يجب اللجوء إلى العلاج النفسي. أما إذا تمّ تشخيص حالة الطفل بشكل أولي باكتئاب من الدرجة المتوسطة إلى اكتئاب شديد، عندها يقوم الطبيب غالبا بتجاوز هذه الخطوات ويشرع في العلاج بشكل فوري.
ويَظهر أنّ العلاج النفسي، أو الأدوية، أو
الجمع بينهما يساعد صغار السن في التخلص من الاكتئاب. كما أنّ نوع العلاج الموصى
به للطفل يعتمد على طبيعة هذا الاكتئاب ودرجة شدته.
العلاج النفسي
تنصح الجمعية الامريكية للطب النفسي بأن يكون العلاج النفسي هو الخط الأول في رحلة علاج الطفل إذا تم تشخيصه بالاكتئاب الخفيف. بينما تُظهر الأبحاث أنّه من الأفضل الجمع بين العلاج بالأدوية والعلاج النفسي في علاج المراهقين الذين يعانون من الاكتئاب المتوسط أو الشديد.
في العلاج النفسي، تساعد الصحة العقلية الجيدة للطفل في تطوير المهارات اللازمة للتغلب على أعراض الاكتئاب ممّا يحسن من أدائهم في المنزل والمدرسة.
وهنالك نوعان من العلاج النفسي جرى الاعتراف
بهما لعلاج الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب:
·
العلاج المعرفي السلوكي: يساعد على تحسين مزاج الطفل من
خلال تحديد الأفكار السلبية وأنماط السلوك واستبدالها بأفكار وأنماط سلوكية
إيجابية.
· العلاج التفاعلي: وهي طريقة يقوم المعالج من خلالها بمساعدة المراهقين على تعلم كيفية التعامل مع مشاكل العلاقات الاجتماعية التي قد تُساهم أو تتسبّب في إصابتهم بالاكتئاب.
وتوصي الجمعية الأمريكية للطب النفسي بأن
يكون العلاج النفسي أحد عناصر علاج الاكتئاب في مرحلة الطفولة والمراهقة على
الدوام.
الأدوية
وتعد مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) الخيار الأول ضمن الأدوية المضادة للاكتئاب للأطفال المصابين بالاكتئاب. وهنالك نوعان فقط من هذه المثبطات –البروزاك (فلوكستين) والليكسابرو (الإسيتالوبرام)- صرحت باستخدامهما إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية لعلاج الصغار الذين يعانون من الاكتئاب.
وقد يصف الطبيب نوعا آخر من مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أو مثبطات استرداد السيروتونين و النورإبينفرين SNRIA)) إن وجد في ذلك مصلحة الطفل، ويشار إلى هذا بإسم "الاستخدام بدون تصريح"، وهو من الممارسات الشائعة.
مضادات الاكتئاب والتفكير الانتحاري
قد تكون مضادات الاكتئاب طريقة فعالة في علاج اكتئاب الطفولة، إلا أن استخدامها قد يؤدي إلى أعراض جانبية خطيرة، كالتفكير في الانتحار عند من هم دون سن 25. وعلى الرغم من أنّ هذا أمرٌ عرضي، فإنّ إدارة الأغذية والعقاقير تطالب بأن تَحمل كل مضادات الاكتئاب صندوقًا أسودًا للتحذير من زيادة احتمالية الانتحار.
وهذا لا يعني بالضرورة حظر استخدام مضادات الاكتئاب لمن هم ضمن هذه الفئة العمرية، بل يعني أن تتمّ مراقبتهم بعناية من قبل الأطباء ومقدمي الرعاية، خصوصا في الأسابيع الأولى من تناول مضادات الاكتئاب.
فإذا كان طفلك يفكر في الانتحار، اطلب
المساعدة لمنع الانتحار.
مواجهة الاكتئاب
غالبا ما يكون تغيير أسلوب العيش طريقة فعالة في مواجهة الاكتئاب من الدرجة الخفيفة، حيث يمكن لإيجاد طرق للسيطرة على الإجهاد، والتمرين البدني المنتظم، واستعمال تقنيات الاسترخاء؛ وبناء نظام دعم اجتماعي متين أن تساعد في تحسين شعور الطفل.
وإليك بعض الخطوات الوقائية التي يمكن
اتباعها لاكتساب مهارات تكيف صحية ودعم الصحة العقلية:
· أخبره أنّ الجسم السليم في العقل السليم، وبين له أنّ الطعام المغذي والتمرين المنتظم مفيد لصحته العقلية.
·
تأكد أنّ لطفلك جدول نوم كافٍ. قم بإيقاف تشغيل الأجهزة
الإلكترونية (الهواتف وما إلى ذلك)، وتأكد أنّه يخلد للنوم ويستيقظ في نفس الوقت
كل يوم.
·
ساعد طفلك في تطوير حياة اجتماعية غنية دون الإفراط في
تنظيم الالتزامات، وقم بوضع مسؤوليات على عاتقه، وكافئه على تحمل المسؤولية.
· علّم طفلك كيفية حل المشاكل التي تواجهه، والتحكم في عواطفه بطرائق سليمة، وقم بوضع استراتيجيات لمساعدته في مواجهة السقطات والعثرات أيضا. تحدث عن صحتك العقلية كذلك، واجعل الحفاظ على السلامة الصحية من أولويات عائلتك.
في النهاية، يكون القول الفصل لأولياء الأمور
في اختيار طرق العلاج. ومن الضروري لكل من الآباء والأطفال المعرفة حول العلاج،
والمخاطر والفوائد المحتملة لكل من خيارات العلاج.