الجذور الحرة: ماهيتها وأسبابها وعلاقتها بمرض السرطان؟

 

 بقلم لاين ايلدريج

الجذور الحرة عبارة عن جزيئات شديدة التفاعل وغير مستقرة ينتجها الجسم بشكل طبيعي كمنتج ثانوي لعملية التمثيل الغذائي. كما ينتجها عند تعرضه لبعض السموم البيئية مثل دخان التبغ والأشعة فوق البنفسجية (UV).

  لا يتجاوز عمر الجذور الحرة جزء من الثانية، إلا أّنّه يمكنها أن تلحق الضرر بالحمض النووي خلال هذه الفترة، وتتسبب أحيانًا في حدوث طفرات تعرض الجسم للأمراض مثل السرطان وأمراض القلب.

يمكن للأطعمة التي تحتوي على مضادات الأكسدة  أن تعطل عمل الجزيئات غير المستقرة وتقلل فرص تسببها في الضرر.

تشرح هذه المقالة ماهية الجذور الحرة. والأضرار التي تسببها، والمكملات الغذائية أو الفيتامينات التي  تقي منها، والأطعمة التي يجب توفرها في نظامك الغذائي لتقليل الإجهاد التأكسدي.

 

ما هي الجذور الحرة؟

الجذور الحرة هي ذرات تحوي إلكترون واحد غير مرتبط. و بعضها يحوي أكثر من إلكترون واحد غير مرتبط.

إذ يجب ارتباط الإلكترونات لتكون مستقرة. وتتطلع الجذور الحرة باستمرار إلى الارتباط بذرة أو جزيء آخر لتصبح مستقرة.

كما يمكن للجذور الحرة أن تدمر الخلايا البشرية. مما يترتب عليها  عواقب مثل تسريع عملية الشيخوخة بالإضافة إلى  تطور السرطان وأمراض أخرى.

 

أنواع الجذور الحرة

هناك أنواع عديدة من الجذور الحرة. الجذور الحرة للأكسجين (أنواع الأكسجين التفاعلية) هي الأهم عند البشر.

من أمثلة الجذور الحرة للأكسجين ما يلي:

الأكسجين الأحادي (عندما "ينقسم" الأكسجين إلى ذرات مفردة مع إلكترونات غير مرتبطة)

بيروكسيد الهيدروجين

الأكسيدات الفائقة

شوارد الهيدروكسيل

 

مصادر الجذور الحرة

قد تأتي الجذور الحرة من عمليات التمثيل الغذائي العادية في الجسم أو من التعرض للمواد المسببة للسرطان (المواد المسرطنة) أو غيرها من المواد الضارة في البيئة.

١_الجذور الحرة جزء من عمليات الجسم الطبيعية

يصنع الجسم الجذور الحرة أثناء تحليل العناصر الغذائية لمنحنا الطاقة التي نحتاجها للعمل.

يعد ذلك أحد أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بالعديد من الأمراض عند التقدم في العمر حتى مع عدم التعرض لمواد سامة.

٢_إنتاج الجذور الحرة بسبب المواد المسرطنة

عند التعرض لمواد مسرطنة مثل:

دخان التبغ

الأشعة فوق البنفسجية

غاز الرادون

المواد الكيميائية البيئية والمهنية (مثل الأسبستوس وكلوريد الفينيل)

بعض أنواع الفيروسات

الإشعاع الطبي

تلوث الهواء

تأثير الجذور الحرة على الجسم: الإجهاد التأكسدي

عند إنتاج الجذور الحرة ،  فإنها تعمل على إلحاق الضرر بالجسم – سواء عند التعرض لمادة مسرطنة أو من العمليات الطبيعية للجسم.

 ووجودها يسبب الإجهاد التأكسدي في الجسم. يطلق عليه "الإجهاد" لأن هذه التفاعلات الكيميائية  تحدث في وجود الأكسجين وهناك عدة أقسام لهذه العملية. فعندما "ينتزع" أحد الجذور الحرة إلكترونًا من جزيء ما، يصبح هذا الجزيء جذرًا حرًا نتيجة فقده إلكترونًا. وتستمر هذه الدورة وتنتج المزيد من الجذور الحرة.

يمكن أن تدمر الجذور الحرة الحمض النووي للجسم. يحتوي الحمض النووي على الجينات، والبروتينات، والشحوم، وأغشية الخلايا ، ومواد مهمة أخرى. لذا فقد يؤدي تلف الحمض النووي إلى الإصابة بالأمراض.

 

نظرية الجذور الحرة للشيخوخة

هناك العديد من النظريات حول سبب تقدمنا في العمر والجذور الحرة تلعب دورًا رئيسيًا في العديد منها. ولكنها لا تعتبر مسؤولة بالكامل عن التغيرات المرتبطة بالشيخوخة؛ فمن المرجح أن الشيخوخة الطبيعية مرتبطة بالعديد من العمليات الحيوية في الجسم.

 

كيف يمكن أن تسبب الجذور الحرة السرطان

يمكن أن يؤدي تلف الجينات في الحمض النووي إلى إنتاج بروتينات غير فعالة. وبعض هذه البروتينات جزء مهم لعمل الحمض النووي بشكل صحيح.

وفي بعض الأحيان يمكن أن يسبب التلف في حدوث مشكلات في الجينات الكابتة للورم، حيث توجه هذه الجينات البروتينات التي تعمل على إصلاح الحمض النووي التالف أو التخلص من الخلايا التالفة بشدة بحيث لا يمكن إصلاحها من خلال "موت الخلايا المبرمج".

وعادةً تكون عبارة عن سلسلة من الطفرات في الجينات الكابتة للورم والجينات الأخرى التي تؤدي إلى تكوين خلية سرطانية.

مضادات الأكسدة والجذور الحرة

تتوفر المواد الكيميائية النباتية في أطعمتنا و تعتبر مضادات للأكسدة. وتعمل هذه العناصر الغذائية على منع تكوين الجذور الحرة و تقليل الضرر الذي تسببه.

تعد قوة مضادات الأكسدة في محاربة الجذور الحرة أحد أسباب ارتباط النظام الغذائي الغني بالخضروات والفواكه بالوقاية من الإصابة بالعديد من الأمراض.

من المضادات الأكسدة التي  تساعد في مكافحة الجذور الحرة والإجهاد التأكسدي ما يلي:

فيتامين هـ(E)

فيتامين أ (A)

بيتا كاروتين

أنثوسيانيدين

تعد بعض الأطعمة والمشروبات مصادر جيدة لمختلف مضادات الأكسدة ، مثل التوت والشاي الأخضر.

هل المكملات المضادة للأكسدة تحارب الجذور الحرة؟

أظهرت الدراسات أنّ اتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة يرتبط بانخفاض الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، بما فيها السرطان. ومع ذلك، لا يبدو أنّ استخدام المكملات المضادة للأكسدة لها نفس التأثير.

فقد، أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين تناولوا كميات أكبر من الأطعمة الغنية بالبيتا كاروتين وفيتامين هـE )  (كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان الرئة.

أجرى الباحثون دراسة لمعرفة سبب ذلك، حيث تناولت مجموعة من الأشخاص مكملًا يوميًا من البيتا كاروتين، لترى مدى تأثيره في الوقاية من الإصابة بسرطان الرئة على عكس المجموعة الأخرى، وكانت النتائج مفاجئة بعض الشيء: فالرجال الذين كانوا يدخنون ويتناولون البيتا كاروتين كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، ولم تنخفض نسبة الخطورة!!

 

هل يستطيع المصابون بالسرطان تناول مكملات مضادات الأكسدة

في حال تلقي علاج للسرطان، فقد تكون قلقًا بشأن الجذور الحرة وتتساءل إذا كان عليك زيادة تناول مضادات الأكسدة لتجنب المزيد من الضرر؟

ولكن  للأسف، قد يؤدي تناول مكملات مضادات الأكسدة إلى تفاقم بعض أنواع السرطان، وقد تجعل بعض مكملات الفيتامينات علاجات السرطان أقل فعالية.

جاء في إحدى الدراسات أنّ النساء بعد سن اليأس المصابات بسرطان الثدي اللائي استخدمن المكملات المضادة للأكسدة أثناء العلاج الكيميائي والإشعاعي كان تشخيصهن سيئًا، وقد وجدت دراستان أخريان أنّ المكملات المضادة للأكسدة (مثل فيتامين E) قد تعزز نمو وانتشار سرطان الرئة!!

في حين أنه لا ينصح بتناول مكملات مضادات الأكسدة، فمن المرجح أن يشجعك طبيب الأورام على تناول نظام غذائي متوازن ومغذي يحتوي على مضادات الأكسدة بشكل طبيعي.

كيفية تقليل الجذور الحرة في جسمك

لا يمكنك تجنب الجذور الحرة تمامًا لأنها جزء من عملية طبيعية في  الجسم لا يمكن التحكم فيها.

ولا يمكن دائمًا تجنب التعرض للسموم –  فقد تتعرض لها حتى في محل عملك.

ومع ذلك، يمكنك بذل قصارى جهدك لتجنب التعرض لها واتخاذ إجراءات الوقاية  .

كما يمكنك تسليح جسمك بمضادات الأكسدة لمحاربة الجذور الحرة. ومع أنّ الجسم ينتج مضادات الأكسدة، فإنها  تكاد لا تكفي ولذلك يجب عليك تناول مختلف الخضروات والفواكه لتحصل على القدر الكافي.

ومع ذلكلا يزال احتمال الإصابة بالسرطان أو بأمراض أخرى ممكنًا

حتى عنداتباع كافة الإجراءات اللازمة" -  كتجنب المواد المسرطنة واتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة.

ترجمة :شجون صابر

تدقيق ومراجعة: أ.ظلال مصطفى صباغ

المصدر: من هنا