هكذا جُبِل البشر على التعاطف
بقلم
هنري إيمونز وإيمي بريسك
فُطرت عقولنا على الاهتمام بالآخرين وقد يكون أكثر من اللازم.
التعاطف هو رحمة تنبع من داخلنا على ضوء تجاربنا
السابقة بالشعور بالألم، والجنس البشري مجبول عليه على الرغم من الجدل الذي أثير حوله
.
يعود التعاطف علينا بالنفع في شتى مناحي حياتنا
ولذلك يجب علينا أن نعتاد على مراعاة الآخرين دون أن ننسى أنفسنا.
العقل الرحيم
خلق الله أدمغتنا بحيث تستجيب لآلام
الآخرين، فقد أظهرت دراسات تصوير الدماغ أنه عندما يشاهد المشاركون صورًا لشخص
يعاني تضيء اللوزة الدماغية الخاصة بهم وهي جزء من نظام اكتشاف التهديدات في
الدماغ. ومن الجدير بالذكر فإن نفس المنطقة تضيء عندما نتألم نحن، فعندما نشاهد
أحدا يتألم يكون الأمر أشبه بجرس إنذار الشفقة (إني أحسُّ بألمك وأدركه إذيمكنني
الشعور به نوعًا ما) بهذه المرحلة ينشط جزء من الدماغ مرتبط بالمتعة حيث يحفزه
هرمون الدوبامين، وهذا يعني أننا نتلقى مكافأة لتهدئة الانفعال وإبطاء معدل ضربات
القلب مما يجعلنا لنسارع لتهدئة الشخص الذي يعاني، وفي هذه المرحلة تكون الشفقة في
أوج ذروتها ويحدث هذا عندما تفرز الغدة النخامية الأوكسيتوسين (هرمون الحب) الذي
يحفز سلوكيات تقديم الرعاية . وفي عبارة أخرى عندما نرى معاناة أو نسمع عنها فإننا
بطبيعتنا نتحرّاها وقد نشعر بالضيق في البداية ولكننا بعدها نشعر بالتعاطف ولو
بالتفكير فيكافئنا نظامنا الداخلي على ذلك.
إجهاد التعاطف( تعب
الرحمة)
لا يعني قولنا أننا مستعدون للتعاطف أننا دائمًا
نُقدِم عليه دون إجهاد أنفسنا. إن حجم الصعوبة التي نواجهها اليوم هو اختبار حدود قدراتنا
على التعاطف دون أن نستنزف طاقاتنا لأنّ هذا يؤدي إلى إرهاق التعاطف.
ويحدث هذا عندما يتم تنشيط نظام الاستجابة لدينا
دون توقف. ويعتبر هذا أمر شائع لدى أولئك الذين يتعاملون مع الأشخاص في الأزمات
مرارًا وتكرارًا. وبما أنّ كل واحدة من هذه الأزمات تدق نظام الإنذار والاستجابة
في دماغنا سنظل دائما في حلقة مفرغة من حالة التوتر والتهديد بحيث لا يمكننا تهدئة أنفسنا بتقديم الدعم
والتعاطف وندخل في حالة مزمنة من التوتر.
قد يعاني كثير منّا من هذا، لكنه قد ينبع من سوء
فهم مفهوم التعاطف؛ فغالبًا نفكر في التعاطف على أنها معاناة مع شخص آخر أو تحمل
عبأ المعاناة معه أو تحميل أنفسنا المسؤولية حيث يجب علينا الشعور بالسوء لمجرد
أنهم يشعرون بذلك. ويؤدي هذا إلى إنهاك قوانا تماما ولا يعكس حتمًا التعاطف
الحقيقي، فإننا مترابطون ولكننا أشخاص مستقلون بأنفسنا في ذات الوقت.
ممارسات بسيطة من اللطف
يعتقد البعض أنه لو لم نستطع تقديم كامل الدعم
لمساعدة شخص يعاني، فلا داعي لفعل أي شيء على الإطلاق وهذا فكر خاطئ تمامًا، فقد
وجدت دراسة من جامعة جونز هوبكنز شملت مجموعة من مرضى السرطان وكما هو متوقع أنّ
الرعاية الوجدانية حسّنت مستويات القلق لدى هؤلاء المرضى. ولكن إليكم مفاجأة! إنّ
هذا التّدخل الذي استخدمته الدراسة قد استغرق 40 ثانية فقط! فقد اشتملت ببساطة على
قيام مقدمي الرعاية بالتعبير عن تعاطفهم للتحدي الذي يواجهه المريض والتأكيد له
أنهم يدعمونه طوال رحلة علاجه. ولم تشتمل هذه التدخلات على مشاركة في معاناة
المريض؛ فيمكن لمقدمي الدعم أن يكون هناك من أجل المرضى دون أن يتحمّلوا معاناتهم.
تذكّر أنّ مجرد ممارسات بسيطة لمدة 40 ثانية فقط يمكن أن تبدأ بمرة واحدة كل يوم
أو كل أسبوع وستهدأ هذه الممارسات جهازنا العصبي.
عندما تريد أن تعزل نفسك عن آلام
الآخرين أو عندما تشعر بالإرهاق التام من ذلك فإنّ التعاطف الحكيم يقدم لك خيارًا
آخر وهو القبول بالأمور كما هي عليه. فعندما نتقبّل الأمور ونقدِّم بعض العطف، نظل
منفتحين أكثر لتقبل الحزن والخسارة دون أن ندع لها مجالًا للاستحواذ علينا.
. فهذه المبادرات البسيطة قد تُحدث فرقًا كبيرًا
ترجمة: شجون صابر
تدقيق ومراجعة: أ.ظلال مصطفى صباغ
المصدر: من هنا